جناحك سر نجاحك

السبت - 13 يناير 2018

Sat - 13 Jan 2018

مؤخرا، تلقيت مكالمة هاتفية من صديق نقل لي خبرا حزينا عن وفاة والده، الذي كان متقاعدا من إحدى الشركات الكبرى.

«بني عليك أن تعتني جيدا بالأجنحة الخاصة بك، حتى تتمكن من الطيران عاليا»، تردد عاليا صدى هذه الكلمات في أذني عندما تلقيت هذا الخبر المحزن عن وفاة الرجل الذي قال لي هذه الكلمات قبل سنوات قليلة خلال أحد لقاءاتي به في أيامه الأخيرة وهو على رأس العمل في تلك الشركة.

تطرق وأسهب في فلسفته في الإدارة وكيف كان يهتم كثيرا بمراعاة الموظفين لديه، مما ساعده على تسلق السلم الوظيفي خلال حياته المهنية التي استمرت 40 عاما في الشركة. هذا الرجل ينتمي إلى جيل تشرب ومارس قيما عليا في تسيير الأمور الإدارية بدون حضور ورش ودورات كثيرة في التنمية البشرية، أو حتى قراءة الكثير من الكتب والنظريات عن هذا الموضوع. لم يضطر لتعليق الكثير من الملصقات في مكتبه أو في الممرات عن تلك القيم ليمارسها (مع عدم التقليل لهذا الجانب وتأثيره على النمو الشخصي).

من قبيل الصدفة البحتة، خلال نفس الأسبوع، صادف أن قرأت مقالا اقتصاديا باللغة العربية، نشرته إحدى الصحف العربية، تشيد بالفلسفة الإدارية لملياردير ياباني، اسمه الدكتور كازو إيناموري. هذه الفلسفة ترتكز على أن أساس نجاحه مبني على تركيزه على الموظف وليس على نفسه أو أي شيء آخر. ففي المقابلة التي أجراها مع صحيفة وول ستريت جورنال، في 30 يوليو 2012، قال الدكتور إيناموري «إن هدف الإدارة هو السعي لتحقيق سعادة جميع الموظفين، جسديا وعقليا». للعلم فقد نجح الدكتور إيناموري في قيادة التحول الإيجابي وإحداث نقلة نوعية في شركة الخطوط الجوية اليابانية المحدودة (جال) متبنيا هذه الفلسفة.

كلا الشخصين، على الرغم من الاختلافات الواضحة في الثقافة والخلفية وحتى المسافة، لديهما الفلسفة المشتركة في فنون الإدارة. الفلسفة المبنية على قيمة الموظفين والاعتناء بهم كأساس لأي نجاح تنظيمي وإداري.

هذه الحكمة المشتركة بينهما، لم يتعلماها في أي جامعة أو حتى في دورة تنمية بشرية أو إحدى ورش التدريب الإداري، بل من خبرتهما الطويلة والتفاعل شبه اليومي مع محيطهما.

في رأيي الشخصي، ما قاما به يؤكد على أهمية اختيار قادة الخطوط الأمامية والصف الأول من المدراء داخل أي منظومة مهما اختلف حجمها أو أهدافها. هذه الفئة الإدارية بالتحديد يكون دورها التفاعل اليومي لإنجاز المهام الموكلة بناء على الاستراتيجيات العليا، ومن ثم يتم عن طريقها تحقيق الأهداف لأي مؤسسة أو منظومة، لذلك أنشئت العديد من شركات البرامج والخطط التدريبية لاختيار هؤلاء الأفراد وكذلك توفير برنامج التدريب المناسب للموظفين لتحقيق الأهداف المستهدفة.

ختاما، الموظفون هم اللاعبون الرئيسيون الذين ينفذون استراتيجية الإدارة ويؤدون الواجبات لتحقيق أهداف أي منظمة، عند جعلهم يشعرون بأنهم جزء من هذه العملية، تجدهم يخرجون أفضل ما في جعبتهم، ويبقون ملتزمين من أجل تحقيق النجاح الذي هو الهدف الرئيس لأي إدارة.