ماذا أعدت مؤسسات التعليم والتدريب للمشاريع العملاقة القادمة؟

الخميس - 28 ديسمبر 2017

Thu - 28 Dec 2017

هناك العديد من المشاريع العملاقة والضخمة الواعدة التي أطلقتها المملكة مؤخرا وتأتي في إطار رؤية المملكة، كل ذلك يضع عبئا كبيرا على عاتق مؤسسات التعليم والتنمية البشرية والتدريب، فما أعلن عنه حتى الآن من مشروعات يمثل نوعا جديدا من مشاريع التنمية يتطلب موارد بشرية مؤهلة ومدربة، وإلا سنجد أنفسنا أمام موجة جديدة من استقدام العمالة الوافدة.

ستتكلف هذه المشاريع عشرات المليارات من الدولارات وستكون إما مشتركة مع دول أو شركات رائدة، ومتوقع بإذن الله أن تدر تلك المشاريع مبالغ ضخمة لخزينة الدولة، ومنتظر إن شاء الله قلب المعادلة من الاعتماد على النفط كمصدر دخل رئيس، وعنصر أساس في الميزانية، إلى أن يشكل نسبة صغيرة من الدخل تتضاءل وتتلاشى مع الوقت، ليرتكز اقتصادنا الوطني لمصادر دخل بديلة ومتعددة ولها صفة الديمومة ولا تتأثر بالمتغيرات الإقليمية والدولية.

تستلزم هذه المشاريع الواعدة وجود إدارات متمرسة وبنى تحتية كبيرة إضافة إلى طاقة تشغيلية بشرية مدربة غير عادية لتتمكن من الانطلاق بشكل فعال وقوي.

تتهيأ الآن فرصة غير اعتيادية وممتازة لاستثمار طرح تلك المشاريع للقضاء على البطالة وتوفير فرص وظيفية غزيرة لسوق العمل، وبالتالي تشغيل قدر كبير من أبنائنا وبناتنا بهذه المشاريع الكبيرة، في الوقت نفسه لا مناص بأنه سيتم استقدام عدد لا بأس به من العمالة الأجنبية المدربة والقادرة في ظل عالم كبير ومفتوح وبوجود تباين واضح بين الدول العالمية المختلفة في التقدم العلمي والتقني.

إذن نحن أمام تحد كبير وجبار لتأمين فرص العمل والتدريب لأبنائنا، لذا يجب أن نعدهم من الآن إعدادا قويا لهذه المرحلة الهامة والتي تمر بها دولتنا الفتية والغنية بشبابها، ولتتمكن الدولة من مواكبة بناء وتجهيز وتشغيل مثل هذه المشاريع فإننا نحتاج خطة تأهيل وتدريب تتضافر فيها جهود العديد من الوزارات والمؤسسات التعليمية والمهنية.

لا شك بأن هذه المشاريع الواعدة ستأخذ سنينا ليست بالقليلة لتطرح وتبنى وتعمل وتشغل بشكل فاعل لتدر دخلا بإذن الله، فالإعداد الجيد وبشكل استراتيجي ليس بالشيء الصعب إطلاقا.

يتحتم على وزارة التعليم، وبالذات التعليم العالي والتي تخرج أكبر قدر من الكوادر لسوق العمل، بأن تنسق من الآن مع الجهات المختصة والتي ستطرح تلك المشاريع بحصر أهم التخصصات التي يفتقدها الوطن والتي تحتاجها تلك المشاريع، ومن أهم تلك التخصصات صناعات الترفيه والفندقة والسياحة والعلاقات العامة وتخصصات أخرى، وعلى أن يتم التنسيق مع الجامعات وبالذات الكبرى منها لطرح تلك التخصصات بمناهج متطورة يتطلبها سوق العمل في المستقبل. ويشمل ذلك دمج بعض التخصصات الموجودة بالجامعات أو حتى إلغائها وبالذات التي بها تكدس، وممكن التنسيق مع جامعات عالمية متقدمة في المجالات المطلوبة للاشتراك بوضع البرامج والخطط التعليمية لعمل المطلوب بسرعة كافية، وبما يتناسب مع ظروف ومعطيات الوضع الراهن.

يأتي أيضا دور المؤسسات العامة للتدريب الفني والمهني والذي لا يقل أبدا عن ما تؤديه وزارة التعليم لتقوم بالتنسيق مع الجهات المختصة لمعرفة التخصصات المطلوبة، فإما أن يتم طرح لتخصصات وطرق تدريب جديدة أو إعادة صياغة لتلك التخصصات وطرق التدريب بما تتطلبه المرحلة المقبلة.

ومن حسن الطالع أن المملكة العربية السعودية طرحت بالماضي القريب بعثات خادم الحرمين الشريفين وتم ابتعاث عدد كبير من أبنائها وبناتها يفوق 100 ألف في أفضل الجامعات العالمية لدراسة المرحلة الجامعية وما بعدها، فآمل فرزهم قدر الإمكان وتصنيفهم وحصر التخصصات التي يمكن الاستفادة منها بتلك المشاريع بشكل مباشر.

أيضا يمكن الاستفادة من الخريجين الموجودين من خريجي الجامعات الحكومية والأهلية بمختلف التخصصات الموجودة والذين يمكن الاستفادة منهم ليعملوا بتلك المشاريع، وقد ينقصهم التدريب وإعادة التأهيل فيتم لهم ذلك من خلال مراكز التدريب التي يفترض أن نرفع مستواها وطرق تدريبها، وبالذات الموجودة بالجامعات والمؤسسة العامة للتدريب المهني والتقني.

أخيرا ممكن جدا ومن خلال التعاون مع الشركات المختلفة التي سوف تنفذ المشاريع إضافة شروط بإلزامها بتشغيل نسبة وعدد لا بأس به من السعوديين والسعوديات وإمكانية تدريبهم بتنسيق من تلك الشركات مع الجامعات السعودية والكليات الأهلية ومراكز التدريب المنتشرة بأرجاء الوطن.

وبالختام كلنا تفاؤل بالمستقبل في ظل قيادة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان حفظهم الله ورعاهم، سائلا الله المولى العلي القدير أن يوفقهم ويسدد خطاهم لما فيه خير هذا الوطن ومواطنيه.