ناصر الهزاني

هل تسعى إيران لمد نفوذها على آسيا الوسطى

الخميس - 21 ديسمبر 2017

Thu - 21 Dec 2017

تحاول إيران منذ عقدين مد نفوذها على دول آسيا الوسطى (أفغانستان، وكازاخستان، وقيرغيزستان، وطاجيكستان، وتركمنستان، وأوزبكستان)، وقد مرت محاولاتها عبر تلك السنين بين التقدم تارة والتباطؤ تارة أخرى بسبب العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولي عليها، وبرغم تلك العقوبات فإن إيران استمرت لفتح فرصة إقليمية جديدة لها في دول آسيا الوسطى.

حاولت إيران جاهدة ليكون لها موطئ في إعادة إعمار أفغانستان بغية الدخول إلى هذا البلد الذي يقع في مكان استراتيجي يمكنها من نسج علاقات سياسية واقتصادية معها بعد خروجها من الحرب.

وقد استطاعت بناء علاقات اقتصادية واسعة في تلك المنطقة من العالم وأبدت بعض دول آسيا الوسطى تخوفها من انتشار الإيديولوجية الإيرانية ونشر (التشيع) في بلدانها.

لقد كان تحمس بعض دول آسيا الوسطى لفتح مجالات التعاون التجاري مع إيران بهدف التخلص من النفوذ السوفييتي ومحاولة الاتجاه للحصول على حق استخدام البحار المفتوحة في مناطق الجنوب.

في التسعينات الميلادية من القرن الماضي وبعد تفكك الاتحاد السوفييتي الذي كان يعد القوة المواجهة للولايات المتحدة الأمريكية تغير الوضع الجيوسياسي لطهران والتي كان ينظر لها على أنها الدولة الفاصلة بين الاتحاد السوفييتي من جهة وبين دولتي باكستان وتركيا المواليتين للغرب من جهة أخرى.

وقفت أنقرة وإسلام آباد في وجه الطموح الإيراني وكانتا تتزعمان الوقوف ضد مشروع طهران لنشر الأفكار الثورية والتشيع في دول آسيا الوسطى والقوقاز.

في أبريل 2010 حاول أحمدي نجاد الخروج بفكرة لتكوين حلف يضم دولا لغتها الفارسية وهي إيران وأفغانستان وطاجيكستان، ودعا لذلك رؤساء تلك الدول لتكوين منظمة إقليمية تعنى بالمصالح المشتركة بينها.

ولعل ما يعزز حظوظ طهران في هذا الجانب هو دعم أمريكا لها للحد من الدور الصيني في منطقة آسيا الوسطى، لكن الصين وتركيا على ما يبدو تقفان بقوة ضد حصول طهران على أي مكاسب تؤثر على نفوذهما في تلك المنطقة.

في إطار نشر المذهب الشيعي ساهمت طهران في دعم بعض الأحزاب في طاجيكستان كحزب الإحياء الإسلامي وشاركت في الإطاحة بحكومة رحمن نابييف عام 1992 والتي تلتها الحرب الأهلية، على الرغم من النفي الإيراني من أنها لا تتدخل في الشؤون الداخلية لطاجيكستان.

تفيد بعض التقارير بأن المخابرات الإيرانية تعمل بنشاط في بعض دول آسيا الوسطى وتدعم بعض الأحزاب والحركات الشيعية لتعزيز نفوذها، كما تقيم مراكز ثقافية لنشر الأفكار وتصدير الثورة. كما سعت من خلال جامعاتها إلى استقطاب العديد من الطلاب من دول آسيا الوسطى ومولتهم بهدف كسب ولائهم. كما افتتحت عددا من أقسام الدراسات الإيرانية في جامعات عدة في تلك الدول لتعزيز هويتها ونفوذها.

تدعم طهران من خلال الحرس الثوري طائفة الهزارة في أفغانستان والتي تعد المسيطرة على المشهد الشيعي هناك، حيث يبلغ عدد أفرادها أقل من 10% من إجمالي سكان أفغانستان.

لا تقدم طهران هذا الدعم والتمويل إلا وفق اشتراطات أهمها نشر الأفكار الخمينية وتصديرها لتلك المجتمعات.

إن إيران حتى ولو أخفقت أو تباطأت في مد نفوذها فإنها ترى أن منطقة آسيا الوسطى مهمة لها، ومفترق طرق ضد الإسلام السني في شبه الجزيرة الهندية والخليج العربي، ولا سيما القوة الأكبر وعمق العالم الإسلامي المملكة العربية السعودية.

إن طهران تتخوف اليوم أكثر من أي وقت مضى من انتشار السلفية القادمة من شبه الجزيرة الهندية وبعض دول آسيا الوسطى وترى فيه تهديدا لها ولوجودها.

تتهم أوزبكستان وطاجيكستان أجهزة المخابرات الإيرانية بنشر التشيع ودعم وتمويل الأقليات الشيعية وتحريضها على التمرد وزعزعة الاستقرار والأمن فيها.

وما زالت طهران تواصل سياستها التخريبية وأطماعها التوسعية في تلك المنطقة المهمة من العالم وتجد في المقابل مقاومة لوقف تلك التدخلات من حكومات بعض البلدان.

nalhazani@