أحمد الهلالي

جامعاتنا والدور الغائب!

الثلاثاء - 19 ديسمبر 2017

Tue - 19 Dec 2017

الجامعات هي الجهات الحكومية الأضخم في المحافظات، تتمتع بمميزات يندر أن تتوفر للجهات الأخرى، فهي المؤسسات المكتنزة بالخبرات في شتى المجالات (التعليمية والتربوية والصحية والهندسية والتقنية والعلمية والثقافية والإعلامية والقانونية والإدارية والاقتصادية والرياضية والفنية وغيرها..)، إضافة إلى اكتنازها بالطاقات الشبابية المتوثبة، وامتلاكها للمعامل والمختبرات المتنوعة، ووجود سفراء لها في كل بيت من الطلاب والطالبات، ومؤسسة تحوي كل هذه المميزات حري بها أن تقود المجتمع، وأن تبني البرامج الطموحة لإحداث الأثر الإيجابي في محيطها الاجتماعي، وتطوير أداء منسوبيها وطلابها.

الجامعة ـ في نظري ـ هي مجموعة من (بيوت الخبرة) في مؤسسة واحدة اسمها (الجامعة)، فبين أسوارها أساتذة في شتى التخصصات، تستعين بهم الجهات الأخرى، لكن الاستعانة تأتي بطرق فردية غالبا لصالح تلك الجهات، لأن معظم الجامعات لا تزال لا تؤمن بدورها المهم جدا خارج أسوارها، فلو أخذنا على سبيل المثال قضية (الفساد) في المشاريع العامة، فلم أسمع بجامعة كلفت (كلية الهندسة) أساتذة وطلابا بفحص تلك المشاريع وإصدار تقارير علمية موثقة تقدمها للجهات المختصة (حماية للمجتمع)، وقس على ذلك قضايا الغش التجاري، أو تقييم نظافة الأطعمة والمطاعم، أو تقييم خدمات المستشفيات الحكومية والخاصة، أو فحص المنتجات الزراعية، أو رفع القضايا القانونية باسم المجتمع ضد الجهات التي تخل بالتزاماتها، أو فحص النظم الإدارية لبعض الجهات وتقديم التوصيات بما ينفع الناس، أو المطالبة بمشاريع أو خدمات حيوية تبررها وجهة نظر علمية، وفتح قنوات للمجتمع للاستشارات (المجانية والمأجورة) في شتى التخصصات التي تهم المجتمع، وغيرها الكثير والكثير من الأدوار الغائبة.

فكما نطالب المؤسسات والشركات بالمسؤولية الاجتماعية، يجب أن نطالب الجامعات بالقيام بدورها الاجتماعي المدني، فحملات التبرع بالدم، أو تطوع بعض الشباب الجامعيين في التنظيف والتشجير ودورات تطوير الذات وغيرها من الفعاليات الهامشية لا تكفي، ولا تملأ الفراغ الكبير للدور الاجتماعي الحيوي الغائب للجامعات.

في ممارسة الجامعات لدورها الاجتماعي (المدني)، في كشف الخلل في التخصصات التي تهتم بها فوائد عدة، منها: حماية المجتمع والمقدرات الوطنية، والثانية دعم ميزانية الجامعة، لأن تقديم الجامعات لنفسها كبيوت خبرة موثوقة، يمنحها اعتراف الجهات الأخرى لتستعين بها في دراسة وفحص مشاريعها وخططها وأنظمتها، بدلا عن اعتمادها الكلي على مؤسسات تجارية من الداخل والخارج، بعضها ليست لديه الخبرة الكافية أو المعايير العلمية التي تمتلكها الجامعات، والفائدة الثالثة سمعة الجامعة، والرابعة إثراء الأساتذة والطلاب في تطبيق معارفهم على أرض الواقع والشعور بقيمة ذواتهم وما يملكون، والكثير من الفوائد التي تصب في إناء الوطن الكبير نموا وازدهارا.

@ahmad_helali