عبدالله المزهر

وطن بلا يائسين من الحياة ولا كارهين للبشر..!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الأحد - 17 ديسمبر 2017

Sun - 17 Dec 2017

قد أتفهم ـ ليس كثيرا ـ طريقة تفكير المخالف لنظام الإقامة الذي دخل بصورة غير شرعية. ربما هو يائس في مكان ما ثم تساوت عنده الحياة وعدمها، فقرر أن يجرب تجربة التسلل إلى داخل المملكة أو عدم الرحيل عند انتهاء المهمة التي قدم من أجلها. لأنه بهذه التجربة لن يخسر شيئا، هو مؤمن أنه خسر حياته أصلا قبل أن يأتي، ولن يضره ما يمكن أن يحدث بعد ذلك.

هذه أمور يمكن تفهمها ـ على مضض ـ من جانب إنساني، لكني أعجز عن فهم طريقة تفكير الذي يقبل أن يتعامل مع هؤلاء، كيف يمكن أن توكل عملا ما، أيا كانت نوعية هذا العمل، إلى شخص ليس لديه ما يخسره، ويمكنه أن يرتكب أي جريمة دون أن يوجد له بعد ذلك أي أثر.

كيف يمكن التعامل مع شخص ليست لديك أي تأكيدات حتى عن اسمه الحقيقي، ناهيك عن سلوكه وطريقة تفكيره، وماذا يمكن أن يكون قد ارتكب من أفعال قبل أن يقرر الهرب إليك متسللا مخاطرا بحياته.

ولذلك أجد أن المذنب الأكبر في جريمة وجود هؤلاء هو المواطن أو المقيم بشكل نظامي الذي يقبل التعامل معهم أو يتستر عليهم أو ييسر لهم أعمالهم بأي شكل كان.

ومشكلة التعاطي مع هذا الملف تكمن في طريقتي تفكير متطرفتين، كل واحدة أسوأ من الأخرى. الطريقة الأولى هي تشجيع وجود مثل هؤلاء بدواعي إنسانية ساذجة، وأن الفقر والحاجة هما اللذان دعواهم إلى أن يكونوا في هذا الوضع. وهؤلاء لا يفكرون في أي تداعيات أمنية واجتماعية بالغة الخطورة. والتي تثبتها شواهد ووقائع كثيرة وأن كثيرا من هؤلاء يمكن أن يستغلوا للقيام بأي عمل مهما كان قذرا أو خطرا.

أما الطريقة المتطرفة الأخرى في التعامل مع هذا الملف فهي استغلال البعض للحملات الأمنية على المخالفين في تعميم التحريض على كافة المقيمين، حتى أولئك الذين يقيمون بشكل نظامي واضح، ويعملون في النور وتحت نظر وسمع القانون والمجتمع. فيجعلون من المطالبات المحقة بتوطين الوظائف سببا في تجريم من لا يجرمه القانون. ويصورون كل مقيم على أنه عدو للناس. وأن محبة الوطن تتطلب كراهية كل من لا يحمل جنسيته. وهؤلاء ليسوا أقل خطرا من المتسترين على مخالفي نظام الإقامة. طبيعة هؤلاء وطريقة تفكيرهم تدلان على أنه لو افترضنا جدلا أنه لم يبق في السعودية مقيم واحد فإنهم سيوجهون جهودهم في الكراهية إلى كل «مواطن» مختلف عنهم. سيبدؤون بالمواليد ثم المجنسين ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم في جداول تصنيفاتهم الخاصة في سلسلة لا تنتهي لأن الكراهية عندهم أسلوب حياة.

وعلى أي حال..

من حقنا أن نحلم بوطن خال من المخالفين ومن المحرضين ومن العنصريين الكارهين للبشر والحياة. وبالطبع هذا حلم صعب التحقق لكن السعي إلى الكمال كمال.

agrni@