عبدالله المزهر

قانون مكافحة الأنانية..!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

السبت - 16 ديسمبر 2017

Sat - 16 Dec 2017

قرأت خبرا ـ أرجو أن يكون صحيحاـ أن أمانة مدينة جدة قد غرمت مواطنا مبلغا ماليا لإلقائه بضع حبات «فصفص» على رصيف واجهة جدة البحرية؛ كما عاقبت متنزهين آخرين بغرامات وصل بعضها إلى مئة ألف ريال لعبثهم بالحشائش وأعمدة الإنارة وإتلاف الطرقات والأرصفة.

وأصدقكم القول إني لم أبحث عن صحة الخبر، لأني فرحت به كثيرا، ولا أريد أن أفاجأ بأنه غير صحيح، وأن فرحتي هذه كانت عبثية، فأنا أشجع نادي الاتفاق الذي يتخصص في التعاسة والحزن، وهذا يجعلني لا أفرط في أي فرحة عابرة حتى لو كانت عن طريق خبر مشكوك في صحته.

والعابثون بالأماكن العامة يحتاجون ـ إضافة إلى العقوبات الرادعة ـ إلى علاج نفسي، فهذه الأنانية والرغبة في الانتقام من المجتمع لا يمكن فهمها إلا في سياق أنها مرض، نسأل الله الشفاء لكل من ابتلي به، وهم كثر فيما يبدو.

والأهم من ذلك ـ إن كان الخبر صحيحا ـ هو ألا تكون هذه مجرد فورة موقتة لأن المنشأة جديدة، ثم يبدأ بعد ذلك التهاون وعدم الجدية في تطبيق العقوبات والغرامات.

أتمنى أن تنتشر عدوى معاقبة هؤلاء في كل مدن المملكة ومتنزهاتها التي يحولها بعض زوارها من مكان جميل إلى مكان غاية في القبح، فحين تسير في «ممشى الضباب» ـ على سبيل المثال ليس إلا ـ وهو أحد أجمل الأماكن في مدينة أبها حاول أن تتجنب النظر إلى أسفل الممشى، لأنك إن فعلت ذلك فستتكفل مقبرة البلاستيك والنفايات التي ستشاهدها بقتل كل معنى للجمال يمثله ذلك المكان.

وبمناسبة ذكر ممشى أبها فإني أعتقد أن البلاستيك المعلق بأشجار غابات عسير أصبح أكثر من الطيور التي تغرد على أغصانها.

وربما يكون مناسبا أيضا تطبيق عقوبات الخدمة المجتمعية لمن لا يستطيع دفع الغرامات المالية، بحيث يعمل المخالف كعامل نظافة في المتنزه أو المكان الذي أفسده لمدة محددة تزيد وتنقص حسب نوع مخالفته.

ولعله من المهم أيضا في هذا السياق أن يشار بعصا غليظة ـ مقطوعة من شجرة ما ـ إلى أعداء الطبيعة وكارهي الحياة الذين يعيثون في الأشجار تقطيعا واحتطابا. فهؤلاء أخطر على الأشجار والخضرة من الجراد على المحاصيل الزراعية. وحين يحلون بمكان تتحول نباتاته وأشجاره إلى أثر بعد عين.

وعلى أي حال..

الأنانية سبب في كل القبح الذي يشوه حياة الإنسان، بداية من الحروب والقتل وانتهاء برمي «الفصفص» في كورنيش جدة، والأنانية جعت الإنسان كائنا خطرا على الحياة والطبيعة وعلى الإنسان نفسه، وأكثر أذى تعرضت له الأرض والكائنات الحية وغير الحية كان على يد الإنسان. ولذلك اخترع القوانين لتضبط هذا السلوك المنفلت، ولكي يستطيع أن يبقى أطول فترة ممكنة على هذا الكوكب. ربما حتى يفسده بشكل أكثر إتقانا.

@agrni