عبدالله المزهر

الحياة بين تطرفين..!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الخميس - 14 ديسمبر 2017

Thu - 14 Dec 2017

المشكلة التي تواجه أي قرار يصدر من الدولة أيا كان نوع وشكل هذا القرار هي أن الكثير من أصحاب الصوت العالي يحاولون أن يكيفوه حسب توجهاتهم. من الصعب أن يؤخذ الأمر بمعزل عن أي شيء، ولا بد أن يصنف على أنه انتصار أو هزيمة.

ربما لم يعد هنالك صراع تيارات كما كان يحدث إلى وقت قريب، ولكن هذا لا يعني أبدا أن هذه التيارات غير موجودة. والتيار الذي كان مسيطرا على المشهد في السابق ويهاجم الجميع دون هوادة أصبح الآن في مركز الدفاع ويتلقى الهجمات من التيار الآخر في انتظار لحظة سانحة لهجمة مرتدة.

وهكذا تمضي هذه الحياة/المباراة دون أن يتمكن أي من الفريقين من أن يعيش حياة حقيقة لا مكان فيها لسوء النوايا والتربص والتحريض والعيش من أجل إيذاء الطرف الآخر.

وهذا النوع البائس من الحياة والتفكير الإقصائي الذي يتميز به الفريقان يجعلهما يميلان، عن قصد في أحيان أو لا إراديا في أحيان أقل، إلى أقصى حدود التطرف نكاية بالطرف الآخر.

حين «عادت» الحفلات الغنائية ـ على سبيل المثال ـ وهي التي كانت موجودة إلى وقت قريب، قرر فريق أن هذا الأمر إيذان بالخراب والدمار وصور الأمر على أنه خيانة عظمى للأمة الإسلامية، الأحياء منهم والأموات. وبالمقابل كان الفريق الآخر ينظر إلى الأمر على أنه فرصة، فقرر أن يطلق لخياله العنان، ويطالب بما أهو أكثر من الحفلات، يريد أن يذهب الأمر إلى أبعد من ذلك بكثير مما يمكن ذكره بشكل مباشر، ومما يلمح له تلميحا، ليس رغبة وحبا في الأمر نفسه، بل ربما لأنه رأى امتعاض خصمه وأراد الإمعان في إغاظته. والدعوة إلى الانحلال التي وجد البعض أن القرارات الأخيرة فرصة سانحة لتبنيها، لا تختلف أبدا عن الدعوة إلى قتل كل مظاهر الفرح. كلاهما فكرتان متطرفتان سيئتان مؤذيتان للحياة وللناس.

الجميل أن «أغلب الناس» ـ فيما أظن ـ يعيشون حياتهم بشكل طبيعي، ولا يكترثون كثيرا لهذه الصراعات التي بدأت تنكشف أخيرا، ويظهر أن الهدف منها مصالح ضيقة، وأن كثيرا من الشعارات التي كانت ترفع سابقا أو التي ترفع الآن ليست أكثر من «تسويق» يهدف إلى الكسب الخاص الذي لا علاقة له بالمصلحة العامة.

والحياة أسهل بكثير من أن تستنزف في الإصغاء إلى أناس لم يفتحوا أفواههم إلا من أجل جيوبهم.

وعلى أي حال..

«لا مكان لمتطرف يرى الاعتدال انحلالا ويستغل عقيدتنا السمحة لتحقيق أهدافه، ولا مكان بيننا لمنحل يرى في حربنا على التطرف وسيلة لنشر الانحلال واستغلال يسر الدين لنشر أهدافه» سلمان بن عبدالعزيز.