عبدالله المزهر

أهلا بدور «القهاوي» الجديدة..!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاثنين - 11 ديسمبر 2017

Mon - 11 Dec 2017

في زمان مضى، أيام كانت القناة الأولى هي المصدر الوحيد في الحياة لمعرفة ماذا يحدث في العالم، وحين كان الناس مشغولين بمتابعة أخبار نمور التاميل والخمير الحمر، والاضطرابات في هندوراس ونيكاراجوا، ويتابعون بشغف نتائج التزحلق على الجليد، ثم أتت القناة الثانية وكان الناس يتابعون مباريات كرة القدم مناصفة بين القناتين، حيث تتنقل المباراة من قناة إلى أخرى حتى يتعب اللاعبون أنفسهم ناهيكم عن المشاهدين، وهذا التنقل بين القناتين كان ترفا لدى أبناء المدن المدللين، فنحن القابعون في الأطراف لم يكن يصلنا إرسال القناة الثانية، فكنا نشاهد جزءا من المباراة ونخمن الجزء المتبقي.

ومع هذا القحط الإعلامي فقد كانت المقاهي أو بمعنى أدق «القهاوي» تعرض أفلاما لمرتاديها عن طريق جهاز الفيديو وتلفزيون ملون بشاشة عملاقة «21 بوصة»، بوصة تنطح أخرى، ولم يكن أحد يستنكر هذا كثيرا، لأن أصحاب المقاهي لم يكونوا يطلقون على هذا العرض المجاني للأفلام مسمى «عروض سينمائية»، ولم تكن تسمى القهاوي «دور سينما»، ولذلك كانت الأمور تسير بشكل طبيعي.

صحيح أن بعض المتشددين المنغلقين الجهلة في تلك الأيام كانوا يحرقون محلات الفيديو مستخدمين أنابيب الغاز، لكنهم كانوا شرذمة قليلة، لم يؤثروا كثيرا في معرفة الناس وحفظهم لأسماء الأفلام والممثلين. وخاصة الأفلام العربية رديئة المحتوى والإنتاج والإخراج.

اليوم ينفتح العالم على العالم بشكل غير مسبوق، وأصبحت مشاهدة الأفلام أمرا ميسورا لكل أحد، واختفت أخبار نمور التاميل واضطرابات نيكاراجوا، وأصبحت المباراة الواحدة تنقل على عدة قنوات. ولم يعد أحد يتذكر أشكال وملامح مذيعي القناة الثانية، لكن مع هذه الغزارة الإعلامية يوجد من يتحسس من وجود دور للسينما ويرى في الأمر وبالا وشرا مستطيرا.

وهذا ـ فيما أظن ـ بسبب تركيزنا في غالب الأحيان على المظهر أكثر من الجوهر. نحن لسنا في حقيقة الأمر ضد مشاهدة الأفلام لكننا ضد الشاشات الكبيرة. لا أجد تفسيرا آخر لهذه المعضلة.

كثيرون اليوم لا يرون بأسا في مشاهدة فيلم هوليوودي في قناة تلفزيونية في مطعم أو مقهى أو حتى في صالون حلاقة، لكنه حين تمر أمامه كلمة السينما يصاب بجنون الارتياب.

وعلى أي حال..

أنا محب للسينما وللفنون عموما، وأجد السماح بدور السينما أمرا منطقيا وطبيعيا، وإن كنت لا أعتقد أن وجودها دليل تحضر ولا غيابها دليل تخلف، هي شيء عادي لا يمثل وجوده نقلة كبيرة، خاصة في هذه الأيام التي يمكن للشخص العادي أن يشاهد عشرة أفلام جديدة في اليوم ودون أن يغادر فراشه.

ربما ـ لست متأكداـ أحلم أن نصنع أفلاما ويكون لدينا صناعة سينما حقيقية، وأن يكون لدينا مسرح جاد وفنانون محترفون، أما مشاهدة الأفلام فنحن نفعل ذلك منذ اختراع التلفزيون، ولن يتغير الأمر باختلاف أداة العرض.

@agrni