عبدالله المزهر

إذا لم تستح فصرح بما تشاء..!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

السبت - 09 ديسمبر 2017

Sat - 09 Dec 2017

يقول «لو أن نصف الأموال التي أنفقها بعض الحکام في المنطقة لتشجيع الإرهاب والتطرف والطائفية والتحريض ضد الجيران كان ینفق لتحرير فلسطين، لما كنا اليوم نواجه هذا الصلف الأميركي الذي یحاول أن يكرس «وعد من لا يملك لمن لا يستحق» ورغم ذلك، القدس تبقی عربیة إسلامية، شاء من شاء وأبی من أبی». أ.ه

ويبدو كلاما جميلا، يقوله رجل حزين ومقهور قد تقطع فؤاده من أجل فلسطين، ومن أجل أن تبقى القدس «عربية».

لكن الكلام كما تعرفون صنعة سهلة، لا تحتاج أكثر من تحريك الشفاه وحين يكون المتحدث «وزير خارجية» فإن فصل القول عن القائل ليس سوى سذاجة و«تنبلة».

حين يقول الكلام أعلاه وزير خارجية إيران فإن ردة الفعل على هذه الخطبة الحماسية هو الضحك، لأنه أقرب للتصنيف في باب الطرائف والنكت من كونه رأيا سياسيا.

حين يتحدث الظريف جواد عن إنفاق الأموال لتشجيع الإرهاب والتطرف والطائفية والتحريض ضد الجيران، فكأنه يقرأ من «دستور» الدولة التي يمثلها.

لكن ـ ومن باب الإنصاف ـ فإن كلام الوزير الظريف يبدو متسقا مع العصر الذي قيل فيه، وأظن أن المؤرخين وعلماء الآثار والجيولوجيا سيسمون عصرنا هذا «عصر الوقاحة» بعد أن نصبح ماضيا سحيقا. لأن الوقاحة هي السمة الأبرز التي ميزت سكان هذا الكوكب في هذه الحقبة.

والوقاحة في اللغة مشتقة من الأصل (و ق ح) تدل على الصلابة في الشيء، وتستخدم للدلالة على صلابة الوجه الذي لا تعتريه حمرة الخجل. فيكذب بأريحية ودون تفكير ولا حذر ولا خوف من معرفة السامع بأنه يكذب.

أتحدث فقط عن البجاحة والوقاحة و«سعة الوجه» لأن الحديث عن أموال إيران وكيف تنفقها وعن «فيالق القدس» وأين ومن تقاتل سيبدو كلاما زائدا، فهذا أمر يعرفه الناس ويعرفه الظريف جواد وتعرفه الحكومات. ويعرفه الشعب الإيراني نفسه الذي يسكن المقابر. وتعرفه المسوخ التي تلعن اليهود بالكلام ثم تقتل اليمنيين بالسلاح أو تلك التي تثرثر وهي تعلق صورة الأقصى ثم تقتل السوريين. وأكثر من يعرف حقيقة تصريحات الظريف هي تلك الشعوب التي اكتوت بنار أخلاق إيران التي لا تحب صرف أموالها في «تشجيع الإرهاب والتطرف والطائفية والتحريض ضد الجيران».

والفكرة ليست في تكذيب كلامه، فهو يعلم أنه يكذب ويعلم أن العالم يعلم أنه يكذب، لكني أحاول أن أفهم فقط لماذا يفعل ذلك من منطلق إنساني بحت لا علاقة له بالسياسة ولا بالسياسيين.

وعلى أي حال..

أظن أن هذا التصريح لم يحرج سوى الشيطان، فلم يكن يتوقع أن أحدا من الخلق سيتفوق عليه في محاولة بيع الوهم، أما البشر فإنهم يعرفون إيران ووزيرها ومرشدها ويبدو أنهم قد كفوا عن الدهشة من أكاذيبها.