أحمد الهلالي

استعباد العراقيين!

الثلاثاء - 05 ديسمبر 2017

Tue - 05 Dec 2017

لم ترد إيران التي حاربها العراق 8 سنوات أن تحتل العراق؛ فاحتلاله عسكريا سيكلفها الكثير، بل خططت لأن تذل العراق، بل أن تمعن في إذلاله وامتهانه، فنظرت إلى تكوينه الديموغرافي، وبدلا عن استخدام السلاح التقليدي، اتجهت إلى الأدمغة، فحققت كل مآربها، وما تزال تسرف في استخدام أسلحتها ضد هذا البلد العربي المخدر تخديرا كاملا.

«الدين أفيون الشعوب» عبارة قالها الفيلسوف الألماني كارل ماركس، كنا ننزعج حين نسمعها بحكم تديننا، لكنها أصدق عبارة تنطبق اليوم على الشعب العراقي (المحقون بالمخدرات الدينية)، فقد عبرت إيران من خلال دماغ المكون (الشيعي) إلى العراق، وأشغلت هذا المكون عن العراق، وأشغلت به المكونات الأخرى، فمنذ الإطاحة بالطاغية صدام حسين، وجدت ضالتها في (مظلومية المكون الشيعي)، فعزفت على تلك الجراح الغائرة حتى أدمتها، ثم أججت نار الطائفية لينتقم الشيعة من أفعال حكم الطاغية من إخوتهم المكون السني، حتى تمزق العراق طائفيا، وصار طبعيا أن تسمع مصطلح (المحاصصة) في البرلمان والرئاسة.

استحوذت إيران على أدمغة الرموز الشيعية العراقية، فصاروا سفراءها، ومنفذي أجندتها في وطنهم، وعلى رأسهم (نوري المالكي) الذي حكم العراق 8 سنوات، صير العراق فيها ولاية إيرانية بامتياز على المستوى السياسي، وفتت جيش العراق بحجة استئصال (البعث) حتى أوهنها واستطاع حفنة من المسلحين احتلال ثلثيها بأسلحة خفيفة، كل هذا من أجل أن تؤسس إيران لجيشها (الحشد الشعبي) المحقون بأفيون المذهب الإيراني، أما على مستوى (المرجعيات) مسوقي الخطاب الطائفي فعمدت إلى بث ما تزيد عن خمسين قناة شيعية حقنت العراقيين بالأفيون الديني الخميني حتى أغمي عليهم.

وما تزال إيران مستمرة في الهيمنة على الدماغ العراقي، ويزيد انحدار ذلك الدماغ المخدر حتى بات يصدق كل مقولة دينية، أيا كانت، فهل كان سيصدق المفكر العراقي (علي الوردي) أن يشاهد عراقيا (يعرض نفسه للبيع عبدا) كما شاهدنا في المقطع المتداول على قناة يوتيوب، هل بلغ التخدير بالعراقيين هذا المبلغ، وهل ستصمت النخب المثقفة والسياسية والعلمانية والليبرالية في العراق حتى تسوغ المرجعيات هذا الفعل المشين بشباب العراق، تحت مبرر (ظهور المهدي) فيتسابق المؤمنون السذج على بيع أنفسهم عبيدا في طهران، إمعانا في الانتقام من العرب ومن صدام، ومن يدري ربما تتولى الحكومة الإيرانية تعويض كل أسرة إيرانية فقدت قتيلا في حرب الثماني سنوات بعبد عراقي.

تألمت عميقا لما شاهدته، وآلمني حقا أن أشاهد هؤلاء الشباب المخدرين يسوقهم النخاسة (رموز المذهب الشيعي) إلى الفرس عبيدا. فمتى يصحو العراقيون من مخدر الفرس، ومتى تعود العزة العربية للعراقيين؟

أناشد قادة الدول العربية التحرك العاجل لإعادة العراق إلى هويته العربية، والوقوف إلى جوار هذا البلد حتى يتعافى شعبه من إدمان المخدر الإيراني البشع، وتمتد مناشدتي إلى النخب وقادة الفكر والثقافة والإعلام العرب أن يجندوا طاقاتهم لإفاقة إخوتنا، فلا سبيل إلى ذلك إلا بخطاب يحيي العقل العراقي الغائب تماما.

ahmad_helali@