هو أنت!

الجمعة - 17 نوفمبر 2017

Fri - 17 Nov 2017

في عام 1972 انطلقت الطائرة في رحلة تحمل فريق لعبة (الرجبي) من (مونتي فيديو) في الأوروجواي، إلى (سانتياجو) في تشيلي للمشاركة في مباراة على الكأس، كانت تحمل على متنها 45 شخصا من أعضاء الفريق وأهاليهم وأصدقائهم، وبينما كانت الطائرة تشق طريقها فوق جبال الأنديز، التي يقارب طولها سبعة آلاف ومئة كيلومتر، وتمتاز بأجوائها الثلجية الباردة، حدث خلل فيها بسبب سوء الأحوال الجوية، واصطدمت بالجبال لتبدأ معاناة من عليها، توفي عند الاصطدام 12 شخصا، والليلة الأولى التي قضوها كانت أصعب من الاصطدام نفسه، حيث كانت صرخات المصابين وفقدان البعض أهاليهم وكانت الوفيات تباعا بالأيام، وجثث ترمى كل يوم، بين الأجواء الثلجية الباردة وعلى ارتفاع 4 آلاف متر ودرجات الحرارة التي تصل إلى 40 تحت الصفر، انطلق سلاح الجو التشيلي في رحلة البحث عنهم، وبسبب صعوبة البحث في الثلج تم إيقاف عمليات البحث بعد 10 أيام من المحاولات، وحفاظا على حياتهم تلاصق الناجون في الطائرة المحطمة للحفاظ على حرارتهم. بعد أن لمح أحدهم طائرة في السماء واعتقدوا أنها شاهدتهم، احتفلوا وأكلوا ما تبقى لديهم من الطعام، لكن للأسف لم يصيبوا بما ظنوا. بعد نفاد الطعام ومع قسوة الأجواء الباردة ووهن الجوع، بدأت غريزة الإنسان للبقاء تشتعل! وتنتهك أقدس المحرمات على الإنسان! اقترح أحدهم أن يأكلوا جثث المتوفين في الثلج من أهلهم وأصدقائهم! ولك أن تتخيل أن تأكل جثة صاحبك أو قريبك! قام بعضهم بالفعل بأكل البعض من الثلج والذي حفظها من التعفن! فيما رفض البعض وفضل أن يصبر. بعد عدة أسابيع قرر اثنان منهم في مهمة مستحيلة أن يشقا السلاسل الجبلية! على ارتفاع 5 آلاف متر. وبعد مرور 10 أيام من السير وتسلق الجبال وفي هذه الأجواء الثلجية وصلا إلى سفوح تشيلي الخضراء، لتكون واحدة من أرعب قصص البقاء الحقيقية ترويعا في القرن العشرين! قضى فيها الناجون 72 يوما في الجبال الثلجية وبقي منهم 16 شخصا من أصل 45 على قيد الحياة!

لك أن ترى هذه الظروف التي أحاطت بهم، ولتكون الصورة كاملة لديك حاول أن تضع نفسك في مكانهم، ماذا كنت ستفعل! رغم الظروف الصعبة لم يتوار الناجون عن فقد الأمل، وظهرت قوى خارقة لهم لم يكن يتوقعها الإنسان. في طبيعة الإنسان يتجرد من كل الأقنعة تحت الضغط، ولتتضح الصورة أكثر شاهد نفسك عندما تغصب أو أن يتم استفزازك، وتأكد في هذه اللحظات سيسقط كل قناع تلبسه وكل شهادة تحملها وكل تعليم تلقيته! ستعود للإنسان البدائي الذي كنت عليه، ويظهر معدنك الأصلي الذي تخبئه. انظر للظروف التي تمر بك والتي ربما تفقدك أهلك ونفسك وأصدقاءك، ولتقارن ظروفك ومشاكلك الحالية فيما حدث في القصة السابقة، سترى تفاهة ظروفك ومشاكلك بالتأكيد، فهي قصة حياة أو موت، رغم ما قد يحيطك بالمحبطات، وتكاد تكون عاجزا عن حلها. تذكر أن للإنسان قدرات كامنة لا تظهر إلا إذا أراد ذلك، كما فعل بعض الركاب في مهمة مميتة لشق طريقهم عبر الجبال إلى تشيلي على الأقدام، والتي راهن الجميع على فشلهم، ما يمر بك من مشاكل حالية ومهما كان حجمها، لا يقارن بقدرة الإنسان الكامنة على إيجاد طريق الحل، والتي تفوق حجم هذه المشاكل عشرات المرات، وما تمر فيه من مشاكل قد تكون نتاج فكرة مغلوطة أو معتقد خاطئ مترسخ، ولتعرف أن السبب الوحيد فيها هو أنت، وعدم تمكنك من إطلاق قدراتك الكامنة.