بعيدا عن البرمجة اللغوية العصبية

الثلاثاء - 07 نوفمبر 2017

Tue - 07 Nov 2017

من يعرف أو عرف شيئا عن البرمجة اللغوية العصبية؟ من سمع بالحرب الكلامية والفكرية التي دارت رحاها بين المعارضين والمؤيدين لها؟ من دعته هذه الحرب إلى أن يتفقه في البرمجة اللغوية العصبية؟

لأني وسمت موضوعي بالعنوان أعلاه فسألتزم! ولن أتطرق إلى توضيح لفكرة هذه النظرية ولا إلى بيان شيء من أسسها ومرتكزاتها.

ولكني سأشده القارئ الكريم بأن فكرة البرمجة اللغوية العصبية أصل من أصول معتقدنا الإيماني.

نعم، وإلا فما الذي يهدينا إليه يقيننا بالله وبأسمائه وصفاته؟

كيف هو الله – سبحانه - في يقيننا؟ كيف هو في رجائنا، حال توجهنا إليه بالعمل الصالح؟ وحال بذلنا للأسباب نبتغي بلوغ أرب ما؟ كيف هو في خوفنا منه حال معصيتنا له؟ وحال تكاسلنا عن العمل بما أوجب؟ كيف هو في حال ضيقنا متضرعين إليه بضعفنا وشدة حاجتنا؟

كل هذه التساؤلات يجيب عليها قوله سبحانه في الحديث القدسي «أنا عند ظن عبدي بي» وفي رواية: فليظن بي ما شاء. إذن من قال لنا: أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء؟ قاله لنا محمد صلى الله عليه وسلم عن ربه سبحانه، نور على نور شع في نفوس المؤمنين التي لم يطرق سمعها مصطلح (البرمجة اللغوية العصبية).

وإيماننا بمحمد وبمقوله صلى الله عليه وسلم يقين لا يعتريه شك، ويترقى اليقين بنقل محمد الخبر عن ربه وربنا، اليقين الأعظم والأبقى والأمكن في نفوسنا من كل شيء.

ثم تعالوا لنفهم الخبر هكذا فهما أوليا (فهم العجائز إن صح التعبير)، دون الرجوع إلى شروحاته في أمهات كتب الحديث.

ألا يمكن أن يكون له مقتضى في نفس أي مسلم يفهم نص الخطاب العربي المبين؟

لن يفهم العامي من الحديث ظرفية عند وأنها ملازمة لظن العبد بكل ملابساته من الرجاء والتوجس والتوقع والأمل والتطلع.

ولكنه حتما سيفهم مطاوعة الرب - بكبريائه وعظمته - لعبده في ظنه، وسيتعاظم المعنى الجليل في نفسه، وسيجهد نفسه ليكون أهلا لهذا الفيض الرباني، كعادة المؤمن شكور دائما.

إلى هنا تكون فكرة البرمجة اللغوية العصبية في جوهرها متسربة في نفس المؤمن الحق الذي أحسن الظن بالله على ما هداه يقينه.

وتبقى بعد ذلك التقنية التي تتبعها (البرمجة اللغوية العصبية) في ترسيخ هذا اليقين، تقنية الالتفات إلى النفس بالخطاب وتطمينها أن الله يستجيب لكل رغباتها.

والمؤمن كيس فطن يقدر أن تعبده لله بهذه العبادة الجليلة (حسن الظن) يستدعي منه العمل الصالح وألا يترك واجبا، وألا يتمنى على الله الأماني، وإلا كان مسيء الظن لا محسنه.

يدعم هذا كله الحديث الآخر: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.

وما بلغنا عن نبينا وإمامنا وقدوتنا وقائدنا أنه كان يحب الفأل!

هل للبرمجة مزيد معنى على هذا؟

ليس في البرمجة مزيد معنى على هذا.

هذا هو ديننا، الجمال والكمال واليسر والنور يشع من كل جهاته، لكنما الإعشاء في نفوسنا حين انصرفت عن تدبره.

هذا هو ديننا بكل بساطة، فلم الاقتتال والتحارب؟ لم الحرص على أن نواجه ما نجهله بالعداوة؟

والحق أن في ديننا موافقات عجيبة لما جاءت وجادت به النظريات الحديثة في نواح شتى، وما ذاك إلا لأنه دين الفطرة، إن ند الناس عنه أعادهم العلم والعقل إليه تسليما.

فلم لا تكون هذه الموافقات مواطن فرح للمؤمن المسلم يلج منها؛ ليعلن دين الله الحق على مسامع البشرية؟

ناصية القول: ليس أكثر من أن البرمجة اللغوية العصبية هي أوفق التقنيات لتطبيق معنى الحديث القدسي: أنا عند ظن عبدي بي.