التفكر هبة منسية

الثلاثاء - 07 نوفمبر 2017

Tue - 07 Nov 2017

تطوير الذات من المتطلبات الدائمة للأفراد والمؤسسات على حد سواء، لذلك نشأت البرامج والدورات وزاد الطلب على المتخصصين في هذا المجال، ولكن هناك هبات كثيرة أعطيت لنا في حياتنا اليومية تساعدنا على تطوير ذاتنا لو استفدنا منها ونظرنا لها من الناحية الإيجابية. من هذه الهبات «التفكر». أحد تعريفات كلمة التفكر في معجم اللغة العربية يقول (فكر في الأمر: تفكر فيه، تأمله، أعمل العقل فيه ليصل إلى نتيجة أو حل أو قرار). يهمنا في هذا التعريف أنه لم يحدد هل هذه الفعل إيجابي أم سلبي، وكيف يمكننا أن نجعل التفكر يعمل لصالحنا وليس ضدنا. وما علاقة التفكر بالتنمية البشرية وتطوير الذات؟

التفكر هو ممارسة أساسية في حياتنا اليومية سواء المهنية أو الشخصية، ولكنه ارتبط عند معظم الأشخاص باللحظة الآنية وحكره على حدوث مؤشرات سلبية، ومن ثم محاولة الخروج منها بأقل الخسائر. ممارسة تتطلب العمل تحت الضغط، مما ينتج عنها الملل وعدم الفاعلية، ومن ثم الإنتاجية والإبداع والبهجة في حياتنا.

نحن من يملك كيفية إدارة حياتنا اليومية التي قد تكون رتيبة نوعا ما، لكن هل من الممكن أن نقلب المعادلة ونسخر بعض الوقت من يومنا أو من أسبوعنا لتطوير قدراتنا الذاتية عن طريق التفكر؟ من وجهة نظري، أرى أن هذا ممكن إذا نظرنا إلى التفكر على أنه ترك المساحة لعقولنا لتبحر في ذواتنا واكتشاف شغفنا وما يعطينا السعادة وما قد ينير دروبنا المستقبلية. هو وسيلة لاكتشاف الجمال من حولنا وتقدير ما نملك وما لا نملك. ممارسة التفكر والعقل يعمل بلا ضغوط تكشف لنا أشياء لم نستطع تقديرها بسبب رتم الحياة السريع الآن. نحن نعيش في عصر المعلوماتية ونتعامل مع كم هائل من المعلومات في كل لحظة.

نستطيع أن نستبدل المفهوم السلبي للتفكير إلى مفهوم التطوير الذاتي «التخيلي». فمن المعلوم أنه عند التخطيط لأي شيء، يجب علينا أن نجيب عن ثلاثة أسئلة مهمة جدا، وهي ماذا ومن وأين؟ والتفكير إحدى الوسائل المتاحة لنا كي يساعدنا على الإجابة عن هذه الأسئلة الأساسية قبل البدء في الخطوة التالية.

يقول إفلاطون «التفكير هو حوار الروح مع نفسها»، لن تجد أصدق من روحك لتدلك على ما يفيدك. هل فكرت وسألت نفسك أو من حولك مرة: ما هي المهارات التي أجيدها وأتميز بها عمن حولي؟ مهارة قد تكون أهملتها وكان من الممكن أن تعمل الفارق في حياتك المهنية والشخصية. أخيرا شاهدت فيلما عن بدايات الرئيس الأمريكي باراك أوباما، كان ما يميزه فن الخطابة وكيف اكتشفه بنفسه ووظفه بشكل إيجابي. هل أعطيت نفسك الوقت الكافي للتفكير في معرفة المهارة أو المهارات التي تحتاج، لتطور نفسك فيها خلال عامين من الآن مثلا؟

ختاما، كلما استطعنا أن نستثمر في القيمة المضافة للتفكير الإيجابي، ناهيك عن أنه عبادة حث عليها الإسلام، رضينا عن ذواتنا باستثمارنا البناء لما حبانا الله وميزنا به عن باقي المخلوقات، ألا وهو العقل. يقول توماس أديسون «إن أشقى لحظات حياتي وأكثرها ضياعا هي التي لا أجهد فيها عقلي بالتفكير».