عبدالله المزهر

عن عيوش الجميلة.. صناعة اللاشيء..!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الأربعاء - 01 نوفمبر 2017

Wed - 01 Nov 2017

حين يصلك مقطع جميل يرسم ابتسامة على وجهك الذي نسي كيف يفعل ذلك، فقدم خدمة جليلة لصاحب ذلك المقطع ولا تنشره. اكتف بالابتسامة ثم انس أمر الآخرين.

أنت تقدم عملا جليلا في تقليل فرصة وصول أي شيء جميل إلى الإعلام، لأن مهنة الإعلام التقليدي هذه الأيام هي تشويه الجمال وابتذاله.

وهذا الأمر لا يخص إعلامنا العربي أو السعودي تحديدا، ولكنه وباء منتشر في كل أصقاع الأرض، وأعني المبالغة في التدقيق في التفاصيل الصغيرة الذي يفسد تماما لذة الإعجاب بلوحة جميلة. كان يكفي أن ننظر إليها من بعيد وتعجبنا، ثم نمضي بعيدا دون أن نعرف تاريخ الألوان التي رسمت بها، والمصنع الذي صنع فيه البرواز، وحالة الرسام حين رسمها، والمشاكل العائلية التي كانت تواجه النجار وهو يصنع البرواز، وكم قطعت السفينة التي حملت الألوان من أميال، وكم سعرها في «حراج السفن». هذه أمور لا تعنينا ولا علاقة لها بإعجابنا باللوحة من عدمه.

الطفلة الجميلة «عيوش» التي شاهد أغلبكم مقطعها كانت آخر ضحايا هذا الهوس الإعلامي، هي ببساطة طفلة جميلة تصرفت بطريقة عفوية كما يفعل كل الأطفال على هذا الكوكب، وصادف أن التقطت الكاميرا «الخاصة» لحظة من لحظاتها الجميلة ثم انتشرت هذه اللحظة وتداولها الناس. يفترض أن تنتهي القصة هنا. لكن هذا لم يحدث وبدأت القنوات في استضافتها وتسليط الضوء عليها والإمعان في سؤالها عن كل شيء. وحالة هذه الطفلة تختلف عن الحالات التي يحاول فيها تافه ما البحث عن الشهرة عن طريق ممارسات تافهة ثم يصبح ضيفا على قنوات يفترض أن رسالتها أهم. هي مجرد طفلة ليس لديها إجابات للأسئلة الحمقاء، ولم تخطط ولم تبحث عن الشهرة.

هي ليست مثل الفنان التافه «كوكب الصامولي» ولا مثل أي تافه آخر في قطيع التافهين الذي بدأ يغزو كوكبنا المغلوب على أمره، هي طفلة سرق الإعلام براءتها. وحولها من أيقونة للجمال والبراءة إلى أيقونة للسخرية والتندر وربما الاستفزاز.

وعلى أي حال..

ربما يكون الجانب المضيء في الموضوع أن هذه «الموجة» من صناعة التفاهة أو «اللاشيء» تجتاح العالم كله دون استثناء، وهو جانب مضيء وجميل لأن هذه من المرات النادرة التي نشترك فيها مع بقية سكان الأرض في شيء ما، حتى وإن كان شيئا مستفزا قبيحا، فالمهم هو المشاركة، أن تكون جزءا من العالم حتى في تفاهته دليل على أنك موجود.

@agrni