لو أنهم استيقظوا من النوم..!

الجمعة - 20 أكتوبر 2017

Fri - 20 Oct 2017

في حياتنا مساحات نعيشها، نراها لكننا نحاول تجاهلها، والغريب في الأمر أنها متحركة، ونفاجأ بتحركها خلفنا حيثما نسير، هي فقط مساحات شاسعة من الخارج، لا ندري هل هي أنفاس الأيام أم أسمار الليالي أم إنها خلجات انفجرت داخلنا لم يكن لها دوي قط!

حين نتذكر آباءنا وأجدادنا وأقرباءنا الذين انتقلوا إلى العالم الآخر قبل بناء الوطن، وقبل أن تكتحل عيونهم بأشعة الحرية، بعد زمن السلب والنهب وانعدام الأمن، غالبا ما نتساءل كم كانت ستغدو دهشتهم وفرحتهم لو أنهم استيقظوا من النوم الأبدي في القبور وخرجوا إلى عالم النور والتفتوا حولهم، كم كان سيكون عجبهم من كل هذا الذي لم يكن معروفا ولا مألوفا في عصرهم؟ كيف كانت ستكون دهشتهم مثلا بالواتس اب ومشاركة حوالي 250 عضوا الحديث على شاشة؟ وكم كانت ستكون غبطتهم عند مشاهدتهم تويتر، والمطارات وهذه الطائرات العملاقة التي تحلق كالنسور القوية، وكيف كانت ستكون ردة فعلهم وهم يدخلون المطار لأول مرة وحولهم الغرباء من جنسيات العالم المختلفة؟ بالطبع كانوا سيفرحون لأحفادهم بكل هذه الحرية والرفاهية والخيرات التي ينعمون بها.

أشياء ما كانوا ليحلموا بها حتى في أغرب أحلامهم، ورغم اندهاشهم يبقى الأمر بالنسبة لنا عاديا، وننظر إلى كل هذه النعم بلا مبالاة. الجد «عمر» رجل طاعن في السن (94 عاما) عاش في قرية جبلية بعيدة تتألف من عدة بيوت وحظائر كعش الطير في واد ظليل، كان هذا الرجل رغم أنه عاش في قسوة الماضي نشيطا في تلك الحياة الشاقة، لم يكن يعيش سوى ملامح الماضي وفي ذاكرة شيخوخته النشيطة سيل عارم قاتم من الذكريات، التفت للجيل الحالي من أحفاده وقال لهم أنتم بجنة الدنيا، فاكسبوا في دينكم جنة الآخرة، واشكروا الله على ما من به عليكم من نعم ووفرة عيش واستتباب أمن، وادعوا لمن وحد شتاتكم في وسط عالم مضطرب طغت فيه المصالح بتهميش المبادئ، وجعلكم شعبا مألوفا، وكنتم من قبل غير معروفين.