شاهر النهاري

قيادة المرأة من طريق فرعي

الخميس - 28 سبتمبر 2017

Thu - 28 Sep 2017

حالة المرأة السعودية في الغالب لا تعكس ما تتمتع به من حقوق في حياتها، وهذا يتبع لنوعية الأسرة، والمفهوم الاجتماعي، ومدى الثقة بالمرأة، وتمكينها من قيادة المنزل، ورعاية الأبناء، والخروج لعملها بكل اقتدار، والصرف من مرتبها على منزلها في كثير من الحالات.

وكثير من الرجال يكرمون نساءهم، ويتعاملون معهن كما كان رجال الجزيرة الأولون يتعاملون مع نسائهم، فلا يعمدون لحرمانهم من حقوقهن، ولا يقللون من قيمتهن في المنزل، أو حتى في خارجه، فكانت الرفيقة بالحقل، وبإحضار الماء، وجمع الحطب، وإقراء الضيف، وبعض النساء عن مائة رجل.

وهذا لا ينفي أن البعض سابقا وحتى اليوم، يعتبرون المرأة ضعيفة، ونجاسة، وعقلا ناقصا، وفتنة، وأقرب للشيطان، ولا تستطيع التحكم بنفسها عند وجود المغريات.

هذا الصنف من الرجال كان موجودا، ولن يختفي من بيننا، فيظلون ينتقصون من عقل المرأة ويقنعونها بأنه واقع، وأنه كمال الدين، حتى رضخت المرأة من خلال ما تسمعه وتقرأه، ومن خلال ما يسود في مجتمعها أنها مخلوقة بالنقص، وفقدت الثقة بذاتها، وبدأت تتصرف وكأنها قطعة حلوى لزجة، تخشى من الغبار والذباب، ومن الإفصاح عن ذاتها، وأن تكون شخصية قوية مستقلة.

وكثير من الرجال لا يوجد لديهم الثقة في أنفسهم، بأن يكونوا جزءا من حياة امرأة قوية، تعرف حقوقها، وتسعى للخروج من قيود عبودية ظالمة أراد لها البعض أن تعيشها، وتموت فيها.

قيادة المرأة للسيارة في السعودية ظلت حكاية العالم، ومجال تندرهم، ووسيلة استدلالهم على تخلف الوضع الاجتماعي بيننا، فكأن نساءنا لسن بشرا مثل نساء الخلق. قضية جعلت قيادة المرأة مجال بطولات، داخلية، ودولية، فحاولت بعض النساء لفت نظر العالم، بقيادة سياراتهن، في عدة محاولات جريئة، لم يكن الظرف، ولا القانون يسمح بها.

لقد درست الدولة الأمر عدة سنوات لنتوصل إلى هذا القرار العظيم، الذي كان حتميا بدخول السعودية إلى عصر الرؤية، ورغبتها في تذليل جميع الفوارق بينها وبين دول العالم، فيما يخص حقوق الإنسان، وغيرها من الأمور.

الأمر الملكي بالسماح للمرأة بقيادة السيارة لا يجبر أحدا عليه، ولكنه يعطي الحق لمن يجد أنه في حاجة لذلك، وهنالك فرق، فمن أراد فليفعل، ومن لم يرد، فليس له الحق في منع الآخرين من ذلك.

وأمر القيادة، لن يحدث عبثا، فهنالك حاليا من القوانين، والمحاذير الكثير، مما يخضع له الرجل أثناء قيادته، ونتوقع خلال الشهور المتبقية، أن تتوصل اللجنة المكلفة بالتنفيذ لباقي الشروط، والتي ستحمي المرأة من التحرش والمضايقات، وتقر وجود دوريات نسائية لمتابعة الحوادث، وغيرها من الترتيبات.

عندما بدأ التعليم النسائي في المملكة، كان له الكثير من المعارضين الأشداء، ولكنه أصبح اليوم المطلب الأول للجميع، وأصبح توظيف النساء هو هدف نفس الأسر، التي رفضت التعليم لبناتها في البدايات.

الحياة تسير، والتقدم مستمر، مهما حاول البعض إغلاق النوافذ، وكتم الحريات، ومنع الشمس من الوصول إلى براعم الحياة، المزهرة القادمة.

فلنكن يا أحبتي مع وطننا ودولتنا، وليكن الخزي نصيب أعدائنا.

@Shaheralnahari