علمني الصيد

الجمعة - 25 أغسطس 2017

Fri - 25 Aug 2017

لم أجد نسبة دقيقة للعاطلين والعاطلات عن العمل في المملكة، كما أن هناك تصنيفات كثيرة، فمثلا هناك عاطلون لأنهم يحملون شهادة الصف السادس الابتدائي فقط، وهناك حملة شهادة المرحلة المتوسطة وهناك حملة الثانوية والبكالوريوس وهناك حملة الماجستير والدكتوراه حيث تقل البطالة تصاعديا.. بسبب ارتفاع المؤهل العلمي كما أن نسبة بطالة الشباب أعلى من نسبة بطالة الفتيات.. هذا إن دل على شيء، أعني تفاوت نسب البطالة حسب الشهادة يعود إلى النفور من الأعمال المهنية لدى الشباب، ولعلنا نناقش الأسباب والحلول معا.

فمن أسباب بطالة الشباب التربية التي تمجد الذكر أكثر من الأنثى.. وبالتالي تهيئ له سرير الكسل والتواكل بينما تضغط على الفتاة منذ نعومة أظافرها فتجد الفتاة بالمحاكاة والتقليد تسعى أن تكون نموذجا مباركا من أمها وأختها الكبرى، وهكذا تبدأ في الاعتماد على نفسها ودون أن يدركوا، فهم يدعمون الفتاة ويكسبونها الثقة في قدراتها، والتعامل بحرفية ومهارة يدوية، بينما يبدأ التعامل الجاد مع الفتى في سن الـ18، حيث لا يكون من السهل تعويده تحت الظروف التقليدية على العمل وجديته.

مما يجعله لا يتقبل العمل اليدوي ولا يتقنه، وبذلك يفقد الثقة بنفسه وتحت الضغط النفسي للفراغ ولوم الأسرة التي لا يصمد الكثير من الشباب أمامها فيسقط البعض ضحية الإدمان أو مواقع التواصل الالكتروني التي تسيطر عليها بعض الحكومات التي تحمل عداء مبطنا لأبناء هذه البلاد، وغير ذلك مما يعرفه الجميع، والحل في رأيي هو تكثيف توعية ودعم ومتابعة الأسر في نبذ المعتقدات التي تجعل الابن فردا كسولا لا يستفاد منه تحت سطوة الرجولة الوهمية، فالأيام أفرزت شبابا كسالى ضعافا غير قادرين على مواجهة تحديات الحياة، عكس الفتيات اللاتي تزعمن الحرف اليدوية وخاصة الأسر المنتجة وبالتالي استطعن تحسين مستوى معيشتهن وربما التحكم في زمام الأسرة وقيادتها مما أورث الغيرة واهتزاز ثقة الشاب المدلل بنفسه ولذلك يجب تعويد الأولاد على الاعتماد على أنفسهم منذ الصغر وتنظيف أدواتهم وأمكنتهم ومواجهة المفاجآت وتعويدهم على الكرامة حتى لو كانوا بين أهليهم، سواء في طلب المال أو في تدبير شؤونه المنزلية، كما أن الظروف الحالية وخروج العمال الأجانب يترك مجالا واسعا للعمل اليدوي بدعم من الحكومة والمؤسسات ذات العلاقة سواء احتياجا أم دعما، كي نخلق من جديد شبابا لا يخجلون من العمل الشريف بعيدا عن الكسل والاعتماد على الآخرين أو التسول والانخراط في مجموعات قد تكون مشبوهة أو على الأقل لا تضيف لهم شيئا.

كلنا مضطرون لتعديل أخطاء متوارثة أو ساهمنا في صنعها دون وعي غالبا، ومسايرة موضة احتقار العمل اليدوي، مع أن معظم أنبياء الله كانوا مهنيين، كما أن العمل الجسدي يحرر الجسد من تراكمات الطاقة السلبية ويكسب الشاب صحة ونشاطا وفطنة.

قبل أن أمضي: تذكروا الحكمة التي تقول: (علمني الصيد بدلا من أن تطعمني كل يوم سمكة).