التجارة في غياب اليقظة

الاثنين - 24 يوليو 2017

Mon - 24 Jul 2017

الأحلام عالم غريب مستتر عن غير صاحبه، يعج به العقل منذ أن خلق الله البشر وجعلهم أعراقا مجتمعين في أحوال، ومتفرقين في أخرى يحاولون فهم ما مر بهم أثناء نومهم من أحداث ومشاهد، وإن لم يتذكروا منها إلا القليل فالأحلام تعني لبعض الناس بشرى خير وفلاح أو نذير شر وشؤم، ومنها قد يستشفون واقعا قادما، أو يفهمون ماضيا من حياتهم وحياة آخرين عاصروهم وتعايشوا معهم.

والحلم وإن تعددت مفاهيم الناس له، إلا أن مفهومه الدقيق يشير إلى النشاط النفسي الواضح والمتأثر بالعقل الباطن في غياب تام ليقظة الفرد، وهذا النشاط يبدأ بعد وصول الجسم لمرحلة العمق في النوم، وتتفاوت الأحلام من شخص لآخر تبعا للسن ونوعية المجتمع المتواجد به الفرد، وكذلك قد يتأثر بمستوى تعليمه ونوعية مشاهداته وعلاقاته الاجتماعية.

وأسهب المهتمون بعالم الأحلام بمحاولة التفسير وفهم دلالاتها وفك رموزها حسبما ترد أوصافها من صاحب الحلم، حتى إن الكثير قد كتب وألف في مجال تفسير الأحلام قديما وحديثا، ومن أشهرهم ابن سيرين والنابلسي وفرويد وغيرهم، وكل مقتنع بما يكتبه ويورده عن عالم الأحلام.

ولم يتوقف الاهتمام بالأحلام عند التأليف ومحاولة التفسير من خلال الكتب، بل امتهن البعض مهنة تفسير الأحلام ومحاولة جمع المال عن طريق توفير الإجابات العاجلة لأسئلة المهتمين بها عن طريق الإعلام الفضائي ووسائل التواصل المستجدة في حياتنا، واللافت للانتباه أن هؤلاء المفسرين زاد عددهم في وقتنا الحاضر بسبب انشغال عامة الناس بالأحلام وتفسيرها أكثر من اهتمامهم بواقع حياتهم الذي لا يحاولون فهمه ولا تفسيره اعتقادا منهم بأن الأحلام هي الأهم وهي التي تأتي بالخير والأخبار السارة، وهذا محال ومجاف للحقيقة، وغير منطقي ولا يقبله العقل السوي؛ لأن العمل والاجتهاد بتأدية الواجبات المنوطة بكل فرد هي التي تعين بعد الله على تحقيق الخير، والواقع السعيد وليس البحث عن تفسير كل حلم يأتي للإنسان وهو بعيد عن عالم اليقظة، فالإنسان الحق يجب أن يكون من عالم الواقع وليس من عالم الأحلام والأوهام.