أدوار وهمية

الاثنين - 24 يوليو 2017

Mon - 24 Jul 2017

هل بإمكان الإنسان أن يجعل كل يوم يمر عليه عيدا؟ أيستطيع بمحض إرادته أن يحقق لنفسه ذلك؟، كمن يمتلك عصا سحرية يأمرها أن تجعل كل أيامه سرورا وفرحا؟

أيستطيع الإنسان أن ينظر في المرآة ويقول لها بكل ثقة إنه قرر بأن تكون كل أيامه سعيدة، وأنه لا يقبل غير ذلك؟ بدون أن يشعر أنه فقد صوابه؟ كيف يشق طريق السعادة وسط عالم متضارب؟

قدرة الإنسان على التذمر كبيرة، في كثير من الأحيان هو من يرفض البهجة والفرح إذ يدخل نفسه في دوامة من الأسئلة التي أجوبتها لن تريحه، فقط ليبحث لنفسه عن هوية يتعرف بها على ذاته ويطمئن.

هذه الآلية في ردة الفعل تحدث في اللاوعي عنده فيكون غافلا عما يفعله حقيقة، وكأنه إحدى عرائس المسرح الخشبية المربوطة بخيوط تمسك بها أيد من فوق وتتحكم بحركتها كما تشاء.

لنتعمق في هذه المسألة قليلا! لنتخيل أنه قد حدث ظرف غير مرغوب فيه، ماذا يفعل؟ يبدأ وبطريقة آلية بتقمص شخصية الباحث المستكشف ويشرع في تحليل الموقف، وشيئا فشيئا تخلق عنده مشاعر سلبية، بعدها قد يتقمص دور الضحية أو المتعاطف أو المدافع، وبحماس يشرع في التخطيط لشخصيته الموقتة، فإن كان المدافع اندفعت عنده أصوات الحجج والمبررات، وإن كان الضحية ارتفع عنده صوت البكاء والنواح! وإن كان متعاطفا راح يلتمس الأعذار، وبذل في ذلك جهدا كبيرا.

هذه التصرفات باختلاف أنواعها لا هدف لها إلا حاجة الإنسان أن يثبت أنه على حق وأن يلعب الأدوار الدرامية المختلفة والبحث عن هوية موقتة مصطنعة يبتكرها عقل اقتنع أنه يجب لكل فعل أن تكون له ردة فعل.

عقل انطمست فطرته السوية فنسي حقيقته المتمثلة في النور والسكون، والبحث عن السلام الداخلي الذي يمثل الحاجة الأساسية التي يجب أن يبحث عنها الإنسان تحت أي ظرف كان.

عليه أن يكون حليما، متسامحا، واضحا، عارفا لحقوقه وحقوق غيره، فلا يتعداها، له ما له وعليه ما عليه.

هنا نجد الإنسان المتأمل الهادئ الساكن، الناظر للأحداث من حوله بموضوعية وتجرد، جاعلا بينه وبينها مساحة تمكنه من التدبر والنظرة المنصفة.. عندها لا يحتاج لأن يتقمص أي شخصية بعيدة عن ذاته الحقيقية. ولا يكون خاضعا لبرمجة المحيط من حوله، نجده متوكلا على ربه مركزا على ما يريد متجاهلا ما لا يريد في حياته، باحثا عن سلامه الداخلي، لا يسمح لكل ما يعكر صفو نفسه أن يكون، وفي نفس الوقت مدركا أن الهروب من مسؤولية المواجهة لا يفي بما يريده لنفسه، هكذا يكون صانعا لحياته البهيجة مالكا لزمام نفسه يقودها إلى ما يرى فيه الخير له.

فتكون حياته مليئة بالسعادة والسرور يفرح بها في كل يوم طلعت فيه عليه الشمس، ويستشعر الجمال حيثما كان حتى في أصعب الأوقات، فسلاما سلاما لكل من امتلك هذه العصا السحرية وعرف كيف يتحكم في الذات.