ماجد حيدر آل هتيلة

الصالون الثقافي النسائي في نجران

الاحد - 16 يوليو 2017

Sun - 16 Jul 2017

تعد الصوالين الثقافية النسائية بالمملكة متنفسا واسعا وهاما لكثير من المثقفات من أديبات وشاعرات وقاصات وفنانات تشكيليات وتربويات وغيرهن من الواعيات بأدوارهن في المساهمة في بناء نهضة المجتمع، وتعتبر من القنوات الرسمية الحاضنة للأفكار المضيئة، فنجدهن يقمن جميعا أو أشتاتا من خلال تكوين بيئة ثقافية ذات منتج ثقافي ناضج، فالصوالين الثقافية الأدبية لم تنشأ لمنافسة الأندية الأدبية، بل لتعد رافدا هاما لإكمال الأدوار المناط بها تجاه الأدب والفكر ومناقشة قضاياها في الساحة الثقافية.

ولم تكن الصوالين الثقافية النسائية وليدة اليوم، بل برزت منذ العصر الإسلامي عن طريق صالون (سكينة بنت الحسين) حفيدة الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، تدارس من خلاله مرتادوه علوم اللغة العربية والأدب والبلاغة الشعرية بأنواعها، ثم ظهرت في العصر الأندلسي بصالون (ولادة بنت المستكفي) مرورا بصالون (مي زيادة) الأسبوعي 1941 الذي كان يقام كل ثلاثاء وتخرج من خلاله عمالقة الأدب شعرا ونثرا، وصالون (مريانا مراش) 1919 والذي يعتبر أول صالون أدبي في الشرق العربي بمفهومه الحديث.

ونجد في الفترة الأخيرة العديد من الصوالين الثقافية النسائية التي امتد ظهورها بشكل لافت على خارطة الوطن في الرياض وجدة والدمام والأحساء انتهاء برواق بكة الثقافي التي برز من خلالها صوت المثقفة والكاريزما الخاصة التي تمثل هويتها في المشهد الثقافي السعودي للتواصل الفكري والأدبي القائم على سمو الهدف ونبل الغاية، بيد أننا نجد تلك الملتقيات الأدبية غائبة تماما في منطقة نجران أقصى الجنوب أرض الحضارات المتعددة وذات الإرث التاريخي والثقافي المدون في أمهات الكتب، فلم تكن نجران ملتقى القوافل عبر العصور والواحة النادرة بجبالها الشاهقة والوادي العظيم إلا صورة حقيقية ملهمة لعقول تحاكي الأرض الندية، أفرزت جيلا ناضجا يسابق الخطى من المثقفات والأديبات أصبحن ندماء للقلم والحرف والفرشاة واللوحة، فوجود تلك الملتقيات الأدبية فرصة انتظرتها مثقفات المنطقة بفارغ الصبر ونادين بها مليا ليضعن قدم صدق في مجال الأدب والثقافة، ولم تكن المبادرة التي قام بها نادي نجران الأدبي في دورته الحالية من خلال إصدار نتاج مثقفات نجران إلا بمثابة الجذوة المتوقدة لموهبة الأدب والفن لديهن، والعصا التي اهتدين بها في طريقهن، وظهرت أعمالهن خلال السنوات الأربع الماضية سواء عن طريق النادي الأدبي أو الجهود الذاتية للكاتبة بمستوى عال في الكم والكيف، ومن أبرز الأعمال:

1 - ندى الحائك (مهاجر في غربة العشق)، (يحكى أن)، (شذرات ندية)، (العزيز).

2 - وفاء آل منصور (أكوام دفينة)، (ولو بعد حين)، (قبلة من ماء).

3 - خامسة آل فرحان (بين الروح والجسد).

4 - إيمان هادي (في سوق الجنابي).

5 - رفعة القشانين (عبرات تمنحك حياة).

6 - مسعدة اليامي (صوت الشوارع)، (أريد رجلا في حياتي).

7 - مها السعيد (ماسات رخيصة) وأول ممثلة لمثقفات منطقة نجران في الحوار الوطني بمركز الملك عبدالعزيز.

8 - ناديا أبوساق أنشأت (بيت محبة الثقافي الاجتماعي) ويعنى بموهوبات نجران في الأدب والفن التشكيلي والعمل التطوعي، وشاركت في مسابقة صناع الأمل على جائزة الشيخ محمد بن راشد في دولة الإمارات.

ورغم كل المعوقات لا يزال الإبداع النسائي يشق طريقة بكل اقتدار، وأضحت المثقفة والموهوبة ذات دور بارز في شتى المجالات العلمية والثقافية والأدبية، ساعدها في ذلك تلاشي الصورة النمطية التي رسمها المجتمع عن دور المثقفة في تحريك دفة المجتمع، مما أظهرها بوجه مشرف في الملتقيات والمؤتمرات، وما فتئت الصوالين الثقافية النسائية هي النواة الحقيقية لصقل تلك المواهب الكامنة أسرارها في الموهبة بجانب الاهتمام بالموهوبات الناشئات في مختلف المجالات وتحويل المشاريع الثقافية إلى واقع ملموس من خلال الدعم المستمر واستضافة رمز نسائي ثقافي يؤدي دوره تجاه مثقفات المنطقة، والمشاركة في الوعي الثقافي وثقافة التنوير ومناقشة القضايا الأدبية والتفاعل مع القضايا المجتمعية، مما يجعل المثقف ينثر إبداعه من خلال الكتابة الإبداعية أدبا وبفرشاة لوحته فنا لتتولد من خلاله نصوص شعرية ونثرية في القصيدة والقصة والرواية والمسرحية وغيرها من الفنون الأدبية، فلا بد أن يدرك الموهوب والمبدع أن إنتاجيته هي استثمار في شخصيته ومستقبله وأن جميع الضغوط التي تثقل كاهله ماهي إلا صقل لموهبته وإبداعه، فالمثقفة عرابها الأول ذاتها، كما أن جمودها سيكون عدوها الأوحد في سبيل الفكر والأدب والثقافة.

وبوجود تلك المقومات القوية ونجاحها في الزمان والمكان ستلوح بارقة الأمل في الأفق، ولو بعد حين.