ناصر عليان الخياري

يصغران ولا يكبران

الجمعة - 30 يونيو 2017

Fri - 30 Jun 2017

في قلوبنا لهما الصدارة، وفي أحداقنا يتربعان. في صغرنا كنا نراهما كبارا، وعندما نكبر تحتفظ لهما الذاكرة بملامحهما الشابة وإن أصابهما الكبر.. فهما في وجداننا بلا أعمار ولا سنين، يكبران سنا فتكبر معهما مكانتهما، ويزيد مع السنين حبهما. تسابقنا سنوات العمر، فنكبر، وهما أيضا معنا يكبران. حين تتغير الملامح بتعاقب السنين، تبقى ملامحهما في وجداننا كما عهدناها منذ الصغر.

تعلمنا الحياة، أننا لا ندرك قيمة في قلوبنا لهما الصدارة، وفي أحداقنا يتربعان. في صغرنا كنا نراهما كبارا، وعندما نكبر تحتفظ لهما الذاكرة بملامحهما الشابة وإن أصابهما الكبر.. فهما في وجداننا بلا أعمار ولا سنين، يكبران سنا فتكبر معهما مكانتهما، ويزيد مع السنين حبهما. تسابقنا سنوات العمر، فنكبر، وهما أيضا معنا يكبران. حين تتغير الملامح بتعاقب السنين، تبقى ملامحهما في وجداننا كما عهدناها منذ الصغر. ، ولا يتفجر إليهما الشوق والحنين إلا حينما نكبر، لا نستوعب مكانتهما وأثرهما في حياتنا، ولا يتجلى صدق شعورنا وعظيم أثرهما وتغلغلهما في وجداننا إلا حين تبدأ سنوات عمرهما بالتساقط! وأنه لم يتبق من العمر أكثر ما مضى.

حينما نكبر وندخل في معترك الحياة، نتجرع مرارة المواجهة، ونكابد عثراتها، من أجل أبنائنا، ندرك حينها معنى البذل والعطاء، ونحن نشرب من كأس التضحية، نتذكر صنيع آبائنا وأمهاتنا.

نتذكر تلك الرحلة الطويلة من كفاح الحياة، وهم يملؤون حياتنا فرحا، ويدرؤون عنا كل ما يزعجنا. نتذكر الماضي بكل ما فيه لجيل عاش ضيق ذات اليد، قاوم العوز، وضعف الإمكانات، ليمنحوا جيل الأبناء حياة أكثر رخاء وراحة ورفاهية.

حب الوالدين! ذلك الكنز المدفون في أعماقنا لا ينكشف، لا يتجلى إلا حينما توقظنا تلك المساحة التي يملآنها في حياتنا حين نكتشف الفراغ الذي تركاه في حياتنا حين نكتشف أنهما أكبر من الكلام وأغلى من الهدايا!

لكنها تظل سنة الله التي لا نقدر على تبديلها.. إن الشيخوخة قدر.. والموت قدر.. والفراق قدر.. مؤلم ألا تجد أحدهما ذات يوم.. أن تبحث عنه فلا تجد سوى وميض ذكريات.. أن تتمنى جلسة واحدة معه.. وتشتهي تقبيل رأسه.. فلا تناله.