ناصر عليان الخياري

رمضان ورحلة التغيير

الجمعة - 19 مايو 2017

Fri - 19 May 2017

أيام قليلة ويطل علينا شهر رمضان، الشهر الذي أنزل فيه القرآن، وفيه ليلة القدر التي يفرق فيها كل أمر عظيم.

في هذا الشهر يتحد المسلمون في كل بقاع الأرض مجتمعين على صيام رمضان غنيهم وفقيرهم. إنه رسالة إلى أن الروح أسمى من الجسد ومتطلباته، فكما أن للجسد متطلبات بها يحيا ويبقى فإن للروح متطلبات بها تسمو وتعلو. الصيام ليس مجرد امتناع عن الأكل والشرب؛ بل هو رياضة للروح، للتأمل، والتفكر في طبيعة الحياة والكون، وفي تنمية الشعور والإحساس بالآخرين. فالجوع والعطش ليسا الغاية المادية السامية من وراء الصيام، بل إنهما تجربة تعكس الشعور المعنوي بما يعيشه ويعانيه المحروم أيا كان سبب ذلك الحرمان.

روحانية هذا الشهر الفضيل، وأجواؤه الإيمانية، تنغرس بعفة اللسان الذي يترطب بالذكر وتلاوة القرآن، والدعاء الصادق فلا يفسدها قول باطل ولا عمل قبيح.

تضيع فرصة الاحتفاء بهذا الشهر الكريم؛ وتتساقط أوراق الأجر، حين تضيع الأوقات وتبدد الساعات الطوال على برامج لا تنسجم مع روحانية هذا الشهر الكريم ولا تغذي موارد الإيمان، بل تتلطخ تلك الأوقات بكل ما يشوه روحانيته وأجواءه الإيمانية.

إن العبادة في هذا الشهر لا تقتصر على صلاة التراويح، كما يفهم ذلك البعض؛ فيظن أن مجرد أدائها يعد كمالا للصيام، دون أن يعلم أن السلوك القويم والخلق الرفيع وبذل المعروف والإحسان إلى الآخرين من تمام العبادة المرجوة في هذا الشهر. حيث إن المغزى أن يؤثر هذا الشهر بروحانيته وأجوائه الإيمانية في النفوس فترتفع درجات الإيمان وتزيد التقوى في القلوب ويقلع عن الذنب فتتغير سيرة الإنسان فيزداد المحسن إحسانا ويستبين المخطئ خطأه فيستقيم أمره.

إن شهر رمضان ليس ككل الشهور، فهو بداية رحلة التغيير في تاريخ الإسلام، حيث وقعت فيه أهم معركة مفصلية، إنها معركة بدر الشهيرة التي غيرت مجرى التاريخ فكان انتصار المسلمين فيها بداية الانطلاقة.

في حياة كل منا ضرورة للتغيير؛ وفي ظني أن شهر رمضان هو البداية الأمثل للبدء في رحلة التغيير الإيجابي على مستوى الفرد. التغيير الإيجابي الذي ينطلق من عدة دوائر: الروحية، والمهنية، والصحية، والأسرية وغيرها من الدوائر التي تهم الفرد بذاته، فكل منا بحاجة إلى تحقيق أهداف جديدة في حياته.