إسماعيل محمد التركستاني

الثقافة الصحية لدى المريض.. مسؤولية من؟

الأربعاء - 03 مايو 2017

Wed - 03 May 2017

في هذا الأسبوع، كان هناك خبر صحفي تم نشره في واحدة من الصحف الالكترونية، مفاده أن أحد المرضى بأحد المناطق كان يعاني من تدهور في حالته المرضية (ارتفاع في سكر الدم)، وتقدم ذووه إلى وزارة الصحة بشكوى مضمونها أن مريضهم عانى من الإهمال في متابعة حالته الصحية، وفي المقابل كان هناك رد من صحة المنطقة على تلك الشكوى.

ندرك جميعنا، أن هناك تفاوتا كبيرا في مفهوم وثقافة المرض لدى كل المرضى، وذلك حسب الحالة التعليمية والاجتماعية. فمثلا، مرض ارتفاع سكر الدم، كما نعلم، فإنه ينقسم إلى نوعين، النوع الأول وهو النوع الذي يكون السبب الرئيسي فيه خلل في وظيفة البنكرياس، وخصوصا في إنتاج هرمون الأنسولين والذي بدوره يساعد على امتصاص سكر الدم من قبل خلايا الجسم، ونتيجة لهذا الاختلال (عدم القدرة على إنتاج الأنسولين) يكون الاعتماد الكلي على حقن الأنسولين الخارجية التي تساهم في إعادة سكر الدم إلى المستوى الطبيعي، ولا يوجد غنى عن حقن الأنسولين. أما بالنسبة للنوع الثاني، فإنه يكون نتيجة خلل من قبل خلايا الجسم وقدرتها في امتصاص سكر الدم، رغم وجود الأنسولين (ولكنه ليس في مستواه الطبيعي)، ولإعادة السكر إلى مستواه الطبيعي، يكون الاعتماد على الأقراص الطبية (منظمات السكر) وهي متعددة الأنواع، إلى جانب الاعتماد على النظام الغذائي والحركي (ممارسة الرياضة) اللذين يساهمان في تنظيم مستوى السكر بالدم.

وفي كلا النوعين يقع مؤشر الفاعلية في العلاج على تثقيف المريض بحالته الصحية. إذن، الثقافة الصحية لدى المريض لها دور هام وضروري في تلافي الكثير من التعقيدات التي تنتج عن الارتفاع المضطرب في مستوى سكر الدم، والتي يعاني منها المريض سواء كان كبيرا أو صغيرا. ومن هذا النقاش المتقدم، ندرك أن مسؤولية المنشأة الصحية لا تكمن فقط في تزويد المريض بجرعات الأنسولين أو بالأقراص الطبية وينتهي دورها، بل تقع على عاتقها أيضا مسؤولية هامة، إذ لا بد أن تقوم بتثقيف المريض ومن حوله من أفراد عائلته، خاصة إذا كان طفلا، بما يعاني منه وكيفية التفاعل مع مختلف تلك الأعراض، ويتمثل هذا الدور (التثقيف الصحي) في صور عديدة منها الزيارات المنزلية (إذا اقتضت الحاجة) إلى المريض ومتابعته بصورة دورية وخاصة، إذا كانت المؤشرات (مثل المؤشرات التعليمية والاجتماعية والمعيشية) تدل على احتياج المريض إلى مثل تلك الرعاية المنزلية. إذن، يفهم من هذا، أن التقصير والإهمال لا يكونان فقط في توقف إعطاء الدواء، ولكن يكونان في صور مختلفة مثل الإهمال في جانب تثقيف المريض عن حالته الصحية.

باختصار.. لتطوير خدماتنا الصحية ومختلف أنواع الرعاية الصحية المقدمة، لا بد أن نعتمد فيها على قياس مؤشرات الأداء في الرعاية الصحية والتي تتمثل في: استراتيجيات العمل الصحي للمنشأة الصحية، قياس الأداء، تطبيق مفهوم الأداء وأخيرا تطوير مفهوم الأداء لدى جميع العاملين وعلى مختلف مستوياتهم المهنية. وهنا يأتي دور القيادة الصحية التي لا بد أن تستند إلى من يمتلك مثل هذه الثقافة في تطوير العمل الصحي، وليس ممن يحمل ثقافة السير في ظل من هو أعلى منه منصبا، ويكون جل اهتماماته متمثلة في تحويل مثل هذه الشكاوى إلى اللجان الطبية لاتخاذ الإجراءات اللازمة!