أريدك جراحا!

الاحد - 26 مارس 2017

Sun - 26 Mar 2017

كن عاقلا يا ولدي فإن الأحلام لا تتحقق، وهل رأيت أحدا من حولك حقق مراده؟!، أو تجرأ أن يخبر القريب بما في قلبه؟! أنا أعلم أنهم سوف يضحكون ويستهزئون، ومن الممكن أن يرجموا بكلمات جارحة، كيف لك أن تصبح طباخا ووالدك يريدك جراحا؟! ممكن أن يصرخوا وحتى يضربوا، ممكن أن يصوموا عن الكلام لعدة أيام، لتخضع ولا تثابر فيما عشقته روحك. أتخيل نفسي مبدعا، فرحا منجزا ومتفوقا في ما اهتز له فؤادي، أجلس لساعات مستلقيا لأعيش أمنيتي حتى وإن كان ذلك في خيالي، حتى الخيال ممنوع، فقد تذكرت قول أقرب الناس إلي: كن عاقلا يا ولدي فإن الأحلام لا تتحقق.

إن من حكم الأمور دخلت تخصصا رسم لي طريقه، لم أكن متفوقا ولم أكن عاشقا لما كنت أتعلمه، فجسدي كان ولا يزال موجودا في مكان لم يخصص له، بينما عقلي في زمان ليس زمانه! كيف لي الإنجاز، وعقلي وروحي في وجهتين مختلفتين؟!

يتهامسان من حين لحين، فقط لتبادل السلام. الفرق بين الشخص البارز في أعماله والآخر هو حبه لما ينجزه، الحب لما نفعله شيء أساسي للتفرد في النتائج بأقل مجهود، وذلك لأن الجهد في هذه الحالة يصبح متعة. عند اتحاد العقل والروح تتم المعجزات، والرابط بينهما هو الحب، حيث إن للحب طاقة لا يمكن تفسيرها، وهو الذي يحرك الجوارح كلها لتحقيق أي هدف كان. لذا فإن الشرط الأساسي في اختيار طريق أي إنسان يجب أن يكون مبنيا على الحب. وهنا يأتي دورنا كأولياء أمور في مساعدة أطفالنا على التعرف على مجموعة الاحتمالات التي يمكن أن تتجسد في حياتهم، وبعدها يتم ترك الحرية المطلقة لهم في اختيار ما هو مناسب لهم. فدورنا ينحصر في التعرف على قدرات ومواهب أطفالنا التي لا تظهر إلا بالتجربة.

لأن الكثير من أولياء الأمور لم يحققوا أحلامهم لأي سبب كان، كأن يصبحوا ما أرادوا «إما طبيبا أو طيارا أو أي تخصص آخر»، فإنهم بغير وعي وإدراك منهم يودون تحقيق تلك الرغبات والأمنيات عن طريق أطفالهم، وينسون أن للأطفال ميولا ورغبات خاصة بهم.

في معظم الحالات يتوجه الأولاد إلى تخصصات لا تعني لهم الكثير، وذلك لتحقيق رضاء الوالدين، ومعظم الناس إذا سألتهم عن سبب اختيارهم لتخصصاتهم فإن جوابهم يكون أنهم أرادوا إسعاد أهاليهم! هل من المنصف أن نحمل أطفالنا ما لا يريدونه في حياتهم ونشعرهم أن من الواجب عليهم إرضاءنا بأي طريقة كانت، وأننا أعلم بمصلحتهم منهم؟! لقد عشت حياتك وربما ليس على النمط الذي تريده، فلا داعي أن تطمع في عيش حياة غيرك، وكن متيقنا أنه ليس كل ما يسعدك سيسعد غيرك، حتى وإن كان فلذة كبدك.