دور الشركات العائلية في دعم الاقتصاد

الأربعاء - 15 مارس 2017

Wed - 15 Mar 2017

في كل البلدان، تأسست الشركات العائلية بمجهود وعرق الآباء والأجداد. وظلت هذه الشركات تلعب دورا كبيرا وواضحا في الحركة التجارية والاستثمارية، وعبر كل هذه النشاطات نجد بصمة الشركات العائلية في دعم الاقتصاد والتنمية الاجتماعية في كل مرافقها. وفي المملكة العربية السعودية، لا يخفى على أحد ذلك الدور الكبير والهام الذي تقوم به الشركات العائلية في تنفيذ العديد من المشروعات التي يحتاج لها المجتمع. وإضافة لهذا، فإن الشركات العائلية توفر آلاف الفرص لتشغيل الشباب وفتح الفرص أمامهم لخدمة أنفسهم وأسرهم وطنهم.

ومن الملاحظ جليا، أن الشركات العائلية تعمل في كل المناطق وكل المناشط وفي تقديم كافة الخدمات التي يحتاج لها المواطن والمقيم في ربوع المملكة. ومثل هذه الأدوار المتعددة لها أهميتها وخصوصيتها لأن الجميع يحتاج لها في كل وقت وعلى مدار الساعة. ولا بد من الإشارة هنا إلى أن بعض الشركات العائلية تطور أعمالها وأفكارها وتتوسع في نشاطاتها لتتمكن من متابعة التطورات على حسب حاجة المستهلك. وكما نعلم، فإن حاجة المستهلك دائما تتعرض للتغيير على حسب تطور نمط الحياة ومتطلباتها الحديثة، وبالطبع فإن تلك الشركات التي تنجح في تطوير منهجها وعملها هي التي تظل في المقدمة وتحقق الأرباح لأصحابها. وفي المقابل، فان الشركات العائلية التي «تتقوقع» داخل نفسها ولا تفكر «خارج الصندوق» ستظل في مكانها وقد تتعرض للخسران المبين وكل هذا يعود بالأضرار على الشركة والعائلة التي تملكها.

من واقع الدراسات العديدة التي شملت كل أنحاء المعمورة تبين أن الغالبية العظمى من الشركات العائلية، وبالرغم من أهميتها التي نوهنا لها، إلا أنها تندثر وتنتهي من الوجود خاصة بعد انتهاء الجيل الثاني أو على أقصى حد بعد انتهاء الجيل الثالث من الملاك المؤسسين. وهذا «الموت» السريع أو الاندثار يعود لعدة أسباب من أهمها أن الأبناء من الأجيال الحديثة تفكر بطريقة مختلفة عن طريقة الآباء والأجداد، ولهذا فإنها لا تفكر في الاستمرار في نفس الأعمال التي كانوا يقومون بها. بل هناك من يعتقدون أن ما يقومون به يعتبر «تقليديا» وغير مواكب للحداثة والتطور.. ولذا لا يليق بهم ويجب الابتعاد عنه.

لبقاء الشركات العائلية واستمرارها في تأدية أدوارها الحيوية للعائلة من جهة وللوطن والمجتمع من الجهة الأخرى، فهناك ضرورة ماسة لهدم تلك «الفجوة» الموجودة في تفكير الأجيال، مع ضرورة خلق التنسيق والانسجام في التفكير في ما بين الأجيال القديمة من الآباء والأجداد والأجيال الحديثة من الأبناء والأحفاد. ولقد قامت العديد من الجهات الإدارية والاستشارية بعمل البحوث والدراسات بغرض الوصول لأنجع السبل التي تمكن من خلق نوع من «المواءمة» والانسجام وتلاقي الأفكار لتفادي صراع الأجيال الذي قد يضر بالشركات العائلية ويهدد كينونتها واستمرارها.

لقد تبين من الدراسات المشار لها أن من أهم الخطوات المطلوبة لخلق «جسر» يربط بين الأجيال ضرورة العمل على صياغة وإعداد ما يسمى «دستور العائلة» أو «خطة عمل العائلة». وبموجب هذا الدستور العائلي أو منهج الخطة العائلية يتم الاتفاق بين جميع أفراد العائلة على أهداف وغايات الشركة العائلية، والاتفاق على هذا يعني أن الأجيال المؤسسة للشركة والأجيال الحديثة قد تم الاتفاق في ما بينهم على أهداف وغايات الشركة ومن هذا يتم ضمان التزام كل الأجيال، قديمها وحديثها، لتنفيذ الأهداف التي تم الاتفاق عليها، ومن هنا تأتي الاستمرارية للشركة لأن الهدف متفق عليه من الجميع.

أيضا، وبموجب دستور الشركة العائلية، يتم وضع برنامج يتضمن دور كل أفراد العائلة في إدارة الشركة العائلية وهذا قد يشمل الأب والأم والجد والجدة والأبناء من الأولاد والبنات وكذلك الأحفاد من الجنسين. هذا الاتفاق أيضا يضمن استمرار الشركة التي يخدمها جميع أفراد العائلة دون فرز لتحقيق أهدافهم الجماعية، وكل هذا يشجع الجميع في الحفاظ على الشركة لأن استمرارها فيه مصلحة شخصية ويعني له الكثير.

من الجدير بالذكر، أن العديد من الشركات العائلية في المملكة العربية السعودية مهتمة جدا بتطوير نفسها للسير حثيثا للأمام لخدمة المجتمع، ونعلم جيدا أن هذه الشركات تعمل الآن لاتخاذ كل الخطوات للبقاء والتطور والربحية وذلك عبر الاتفاق على «دستور العائلة» أو «برنامج عمل الشركة»، والاتفاق على هذا المنهج المتقدم يمثل الخطوة الأولى الهامة نحو بقاء الشركة العائلية واستمرارها. وهذه التوجهات الشجاعة والحديثة التي تنتهجها العديد من الشركات العائلية في المملكة تجد منا كل الترحيب والتأييد لأنها من دون شك تسير في الاتجاه الصحيح لدعم وضع الشركات العائلية لتمكينها من العمل وفق أحدث النظم المؤسسية التي يسير عليها كل العالم، وهكذا تستمر الشركات العائلية في المملكة في تقديم القدوة وبذل العطاء لملاكها ومجتمعها ووطنها.