عش فضوليا

الاثنين - 13 مارس 2017

Mon - 13 Mar 2017

يولد الطفل متسائلا، فضوليا ومحبا للمعرفة. فنسمع من أبنائنا أسئلة كثيرة مثل «بابا ليش الشارع لونه أسود؟» و»ماما ليش البيبي يبكي؟» و»أستاذ إيش يعني كلمة الخناس؟».. وغيرها من الأسئلة التي قد لا نعرف الإجابة عن معظمها.

وهذه الفطرة مهمة جدا ليبني الطفل قاعدة لأفكاره، وينمي مهاراته، ويستوعب الكلمات، ويدرك ما لا يفهمه. ومع تقدم العمر تتلاشى هذه الخصلة فنستنكر كثرة الأسئلة ونخفف من تساؤلاتنا.

لكن هل هذا أمر صحي؟

خاطب الله من خلال كتابه المبين عقل المسلم البالغ وكان ضمن ما قاله سبحانه وتعالى في سورة الواقعة «أفرأيتم ما تمنون»، «أفرأيتم ما تحرثون»، «أفرأيتم الماء الذي تشربون»، «أفرأيتم النار التي تورون».. وغيرها من الأسئلة التي أعتقد أنها رسالة من الله تعالى للمسلم، يحثه فيها على التساؤل وإشغال العقل الذي ميز الإنسان به عن سائر المخلوقات.

لعل مما يؤكد ذلك اتخاذ الله سبحانه وتعالى إبراهيم عليه السلام خليلا. فمما تميز به أبو الأنبياء أنه قبل إيمانه ونبوته عاش متسائلا باحثا عن الحقيقة، إلى أن أرشده الله تعالى إلى خالقه وخالق الآفلين: الكوكب والقمر والشمس. ففي قصته عبر كثيرة، أرى أن من أهمها أن التساؤل فتيلة العلم والإيمان.

شخصيا، متأكد أننا مهما بلغنا من العلم والإدراك إلا أن جهلنا أكبر من علمنا، ألم يقل الله تعالى «وما أوتيتم من العلم إلا قليلا»؟ لذلك سأحرص على أن أكون متسائلا، وباحثا عن الحقائق والمعلومات، عادية كانت أم مهمة.

المهم أن تبقى خصلة التساؤل خصبة.

إضافة إلى أنها فتيلة العلم والإيمان، فالتساؤل يقود الإنسان إلى السعادة. فمع كثرة التساؤل، تصبح الحياة مليئة بالاكتشافات والأفكار الجديدة التي تعزز فهمها وإدراك جمالها.

لعلي أستشهد بمقولتين لعالمين من علماء هذه البسيطة اتفقا على أهمية التساؤل رغم اختلاف الأزمنة وتخصصاتهما، أحدهما إسلامي صحابي والآخر فيزيائي معاصر.

سئل حبر هذه الأمة، وابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، عبدالله بن عباس «أنى أحببت هذا العلم؟» فأجاب «لسانا سؤولا وقلبا عقولا».

أما عبقري هذا الزمان ألبرت آينشتاين فيقول «الشيء المهم هو ألا نتوقف عن الأسئلة، وألا نفقد قدسية الفضول».

قفلة:

مقولة صينية «قد يكون السائل عند سؤاله مغفلا لخمس دقائق، ولكن الذي لا يسأل سيحيا مدى حياته مغفلا».