ناصر عليان الخياري

الحياة مراحل تبدأ لتنتهي

الخميس - 23 فبراير 2017

Thu - 23 Feb 2017

تتسم الحياة بأنها متغيرة، تفتقد خاصية الثبات، فكل شيء فيها يمور في تغير مستمر، وطبيعة الإنسان مرتبطة بهذه الحياة المتغيرة؛ إذ يتغير نمط تفكيره وسلوكه، استجابة لتغير المحيط الذي يعيش فيه، أو عند انتقاله إلى مرحلة عمر جديدة. حيث تسكنه خصائص مرحلة العمر الجديدة بهدوء، دون أن يشعر أن شيئا ما قد تسربل بداخله.

حياة الإنسان في كنهها عبارة عن مراحل عدة، تنتهي مرحلة لتبتدئ مرحلة أخرى، ولا يستطيع الإنسان الاحتفاظ بالعيش في مرحلة واحدة طيلة حياته، فلا بد من الانتقال إلى ما بعدها من مراحل سواء أحبها أو نفر منها، فليس بوسعه التحكم بها مهما بذل من محاولات إطالة فترة المرحلة الجميلة، أو تقليص أمد المرحلة المليئة بالتعب والنكد. هكذا هي الحياة وهذا نصيبنا منها، وقدرنا معها، فلن تدوم لحظات الأنس والفرح، وإن امتدت، وستزول لحظات الحزن والأسى مهما طال أمدها. تبقى الحياة جميلة متى ما أتقنا لغتها، وقرأنا أحرفها بطلاقة، وفهمنا اللغز الذي تدور حوله المعاني، وتنسب إليه المفاهيم، وسنظل في طريق الضياع، ننشد سرابا لا يبلغه أحد، ونصرخ في ظلام لا تشرق عليه الشمس حين نتخذ الدموع حلولا، والتوجع علاجا، والسواد منظارا نرصد تفاصيل الحياة من عدسته. فيضيق أفق الحياة الرحيب، أمام ضيق مفاهيمنا لمعنى الحياة الكبيرة، المتغيرة، المتحركة، التي لا تتوقف من أجل أحد بل هي في تغير دائم.

وكأنها تعلن للملأ أن لا أفضلية فيها للجامدين، ولا المتشبثين بمرحلة واحدة من حياتهم، بل هي للمنطلقين الذين يتعايشون بسلام مع كل مراحل حياتهم فينتقلون بحيوية مع كل مرحلة جديدة، فيتفاعلون معها، ويتقبلون ما تجره عليهم من متغيرات، وفق مبدأ هذا من عند الله. فدوام الحال من المحال، والكيس الفطن هو من يجيد التفاعل مع المتغيرات، ويمتلك مهارة التكيف مع متطلبات كل مرحلة جديدة يستقبلها، فيعد العدة لتحقيق متطلباتها، وذروتها الاستعداد النفسي الذي يكفل له التعايش معها والانسجام والتقبل، فلكل مرحلة جديدة طبيعة خاصة بها. فكل مرحلة تحكمها محددات، تتحكم بمساراتها، فحين تكتمل حلقتها تنتهي لتبدأ مرحلة جديدة في حياتنا.