شكرًا للموت نيابة عن (فهد الزهراني)!!

بعد النسيان
بعد النسيان

الجمعة - 13 يناير 2017

Fri - 13 Jan 2017

لعل أقدم ممارسة عنصرية عرفها البشر هي حب الحياة، وكراهية الموت!! وربما يكمن السر في كراهية المرأة للموت في الغيرة؛ لأنه ينقل الزوج إلى أنثى أخرى هي خيرٌ وأبقى! فما بال الذكر يصر على كراهية الموت، ويتخيله المصيبة التي ما بعدها مصيبة، ومهما كانت زوجته سيئة لا تطاق؛ فإنه يصبر عليها ويبادرها بالبر والإحسان، كلما استحضر (هادم اللذات ومفرق الجماعات)؟؟



ولو لم يكن للموت من حسنة غير هذه الفكرة؛ لكفاه احترامًا وتقديرًا في نفس الأخخخخخخ/ أنا، الذي ما زال عاجزًا عن إقناع الناس بأن السخرية هي أعلى درجات الجدية، والجدية هي أدنى دركات السخرية!! بينما يتركهم (إمام الساخرين) في هرج ومرج و(حيص بيص) بضربة واحدة، كقبضه روح (مساعد الرشيدي) الذي ما زال يسوطهم بألذع الأسئلة: من الذي رحل بالضبط: مساعد (الشخص)؟ أم الشاعر (المبدع) العظيم؟



والجواب الذي ناقشناه كثيرًا مريرًا، هو أن الجماهير لا تعي الفرق إطلاقًا، ولا يزيدها تكرار هذا التساؤل إلا استغرابًا واستنكارًا و(طقطقة)!! فإن أجابت بأنها تبكي (الشخص) فإن ذلك يناقض الإيمان بحتمية الموت، التي لم ولن يستطيع التشكيك فيها حتى صناديد الإلحاد في تاريخ البشرية! وبالنسبة لمن كان يصارع المرض: فكيف تبكي (الشخص) وقد أراحه الموت من معاناته؟ أم أنك تريده حيًا مهما تعذب؟ أليست هذه أنانية؟



وإن أجاب الشعب بأنه يبكي (المبدع)؛ فكيف يبكيه وهذا شعره (يُشبِّك) الأرض، ويملأ السماء؟ إن (المبدع) لم ولن يموت إلى قيام الساعة؛ حيث تبدأ مرحلة الخلود الأبدي!!



أما النخبة فإن أذكاها من يبكي (الشخص) بعينه (اليُمرى)، ويبكي (المبدع) بعينه (اليُسنى)!! ويغرد بـ(مقصوصات ملزوقات) لا تخسِّره متابعًا واحدًا!!



وفي النهاية سندرك جميعًا أننا لا نبكي الميت بقدر ما نبكي أنفسنا، حين نتخيل مصيرنا بين أيدي المصلين والدافنين!



أما أستاذنا (إمام الساخرين) فسيظل فخورًا بأنه قاهر الفراعنة والطغاة والجبابرة! ومهما كرهناه فإننا لا نتردد عن تقديم (معاريضنا) له نستجديه إنهاء (حياة) أعدائنا!



ولكنه كثيرًا ما يكون سببًا مباشرًا في بداية الحياة لا نهايتها؛ كما حدث في وفاة المأسوف على شبابه (فهد الزهراني)، الموظف البسيط المغمور في صحيفة (الحياة)؛ فما إن قبض الموت روحه في حادث أليم؛ حتى «كتبت له الحياة من جديد» بكل (جميلها)، و(سعودها)، و(غلَّابها)، و(علي بابا) الألمعي في الهند!!!