أحمد صالح حلبي

الفساد المالي بأموال المواطنين

مكيون
مكيون

الأربعاء - 11 يناير 2017

Wed - 11 Jan 2017

جمعني حوار بأحد الأكاديميين كان محوره منصبا حول ظاهرة الفساد بالقطاعات الحكومية، واعتبر الأكاديمي أن ما يردد بأن هناك فسادا إداريا أو ماليا إنما هو قول خاطئ، فهناك ظاهرة جديدة من الفساد تعرف بالفساد الأخلاقي.



ولا يعني هذا أن المفسد ارتكب جريمة أخلاقية، لكنه ارتكب أكبر منها منزلة فخان الأمانة التي حملته إياها الدولة، وخان الوطن والمواطنين بجريمته المتمثلة في التحايل على الأنظمة واللوائح من خلال تعيين أقاربه وأصدقائه كمستشارين وخبراء.



وإن كنت قد استفدت من أستاذي الأكاديمي بتعريف هذا النوع من الفساد فقد تساءلت عن دور ديوان المراقبة العامة وهيئة الرقابة والتحقيق والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في مثل هذه المخالفات، فهل يعتبرونها مخالفة نظامية أم غير نظامية، أم يرون أن الفساد يجب أن يكون متمثلا في رشوة مالية يتقاضاها الموظف الحكومي.



والحقيقة أن الفساد تطور وتطورت أساليبه وطرقه وأصبح يتوافق ومتطلبات العصر، وفي جميع الأحوال فإننا نجد أن الضحية هو المواطن، واليوم بتنا نرى أصحاب السعادة المستشارين والخبراء بالقطاعات الحكومية والذين فاق عددهم عدد خبراء وكالة ناسا الفضائية واستطاعوا من خلال علاقاتهم بمسؤولي تلك القطاعات الحصول على مرتبات تفوق الخيال، وفترات عمل لا تتجاوز الدقائق، ومع كل مستشار يأتي يكون بصحبته رفيق درب يسمع ويرى وينقل له كل ما يدور في غيابه، وقد يكون الرفيق مواطنا سعوديا أو أجنبيا، يتم تعيينه ليكون ملازما لسعادة المستشار كملازمة الثوب للجسد.

وما يقال عن أصحاب المؤهلات المزورة يقال عن أصحاب السعادة المستشارين فمن يعاقبهم بعد أن وضعوا أموال المواطنين في جيوبهم بحجة خبراتهم؟



إن ما نحتاجه لمحاربة الفساد لا يتمثل في محاربة الرشاوى المالية المقدمة لبعض الموظفين الصغار، لكننا بحاجة لمعاقبة المسؤولين الذين تلاعبوا بالأنظمة وحرموا المواطنين من حقوقهم وسلبوا أموالهم، وسعوا لدعم ومؤازرة أقاربهم وأصدقائهم وتعيينهم داخل قطاعات حكومية وتمكينهم من مناصب لا يستحقونها، ولا يمكننا أن نطالب هيئة مكافحة الفساد بالعمل على إزالتهم فالهيئة ستكون عاجزة عن ذلك كعادتها الدائمة، لكنا نسأل عن ديوان المراقبة العامة ودوره في مثل هذه الحالات، فكيف يجيز صرف مرتباتهم المرتفعة؟ أم إن مرتباتهم تدفعها شركات القطاع الخاص الحاصلة على مناقصات؟



وقبل أن نثني على جهة ما لجهودها المبذولة علينا أن نبحث في أغوارها، فهناك خبايا كثيرة لا تراها الأعين، وأكثر هذه الخبايا الفساد الاداري والمالي البعيد عن الأعين. وأول من يجب معاقبتهم والتشهير بهم هم هؤلاء المسؤولون الذين استغلوا مناصبهم وخدموا أقاربهم ونسوا أمانتهم.



وما نحتاجه اليوم ليس حديثا منمقا عن الترشيد في ظل العجز الواضح في الميزانية، لكننا نحتاج إلى تطبيق الأنظمة واللوائح بحق مخالفيها من كبار المسؤولين الذين استعانوا بأقاربهم وأصدقائهم ووضعوهم مستشارين وخبراء، واستقطعوا مرتباتهم من حقوق المواطنين.



والحقيقة أن هؤلاء المستشارين والخبراء يذكروني ببعض رؤساء وأعضاء مجالس الإدارات، الذين سلبوا أموال الأيتام والأرامل كمكافآت شهرية وسنوية مقابل حضورهم والتزامهم بالعمل، وأقسموا بالله أنهم عاملون وهم بعيدون عن الحضور والعمل ونسوا عقاب الله الشديد.