عندما تنسحب وزارة التعليم من التعليم!

الأربعاء - 28 سبتمبر 2016

Wed - 28 Sep 2016

بعد أربعة أشهر من اللاتعليم واللامصروفات التعليمية، وفي أول يوم دراسي لهذا العام، وصلت رسالة من الجامعات الخاصة لجميع مستحقي المنح الدراسية الحكومية إليكم محتواها: «الطالب/‏الطالبة الحاصلين على منحة وزارة التعليم، كل عام وأنتم بخير، نود إشعارك بضرورة دفع الرسوم الدراسية كاملة للفصل الدراسي الأول للعام القادم 16-17 خلال الأسبوع الأول من بدء العام الدراسي، وسوف يتم استرداد المبلغ في حال استلام الجامعة مبلغ المنحة من قبل وزارة التعليم، شاكرين لك حسن تعاونك» انتهت الرسالة.



قد يكون مضمون الرسالة مألوفا للقارئ المُطَّلع على ملف البعثات والمنح الدراسية وما تعرض له من سقطات ونهضات خلال العام الفائت ما كان أشبه بالإرهاب العلمي وصورته كالتالي: تعجز الوزارة عن الوفاء بمستحقات البعثات والمنح فتُهدِّد المؤسسات التعليمية الطلاب المستفيدين بتعليق دراستهم حتى تصلها مستحقاتها ويضطر الطلاب إلى توقيع تعهدات بالدفع في حال عجزت الوزارة عن التسديد في إطار زمني محدد، يوقعون وهم لا يملكون الوفاء بالوعد لعل وعسى أن يأتيهم الفرج، وتبدأ دوامة الاستنجاد بالوزارة والحكومة مُتخلِّلة مسؤوليات البحث والدراسة ومسؤولية العائلة لبعض المبتعثين من مسكن ومأكل ومواصلات وتعليم، كل سُبل الحياة تتوقف فجأة والموارد تُستنزف والمصير على كف عفريت!



لنا أن نتخيل الحالة النفسية والمعيشية التي يمر بها هؤلاء وهم يمرون بأصعب الظروف ويتحتم عليهم اتخاذ أصعب القرارات، فهل يوفرون ما تبقى من موارد ويطوون ملفهم الدراسي ويلملمون عوائلهم وكتبهم وأوراق بحوثهم ويعودون للوطن خائبين بعد أن ضاعت وظائفهم و/‏أو سنين عمرهم في غُربة وجهد جهيد لنيل الشهادة العلمية، هل يستمرون بالكد والبحث وينتظرون معجزة تنقذهم من الغرق في الديون وضياع العمر.. ماذا لو اتخذوا قرار العودة وفوجئوا بعدها بيوم بوصول السداد، أي صدمة وخسارة تلك.. وماذا لو صبروا وتعهدوا بالسداد أو استدانوا لإكمال ما تبقى من المشوار ولم يأتهم الحق، هل يعودون بشهادة علمية ليشحتوا على أبواب القصور؟ يستنجدون وتارة تأتي مكرمة وتارة أخرى لا تأتي. وطلاب المنح الداخلية ينتظرون سحابة مطر فلا هم ارتووا علما نافعا ولا هم بنوا سدا مانعا.



إن لعقد المنحة الدراسية طرفين: حكومة تلتزم بالسداد للفترة المقررة لنيل الشهادة وطالب يلتزم بالتحصيل والتخرج والعطاء.



ومع تفهمنا للأزمة المالية الحالية، إلا أننا نرى أن استيفاء العقود لا بد منه، ولو علمنا أن العلم أقوى سلاح لبناء الاقتصاد ولو وفرنا من هنا ومن هناك ولو تطوع شيوخ وأمراء ولو ولو.. حتما ستتمكن الوزارة من الوفاء بالدين وسيعود الخريجون للمشاركة في تنمية اقتصاد وطن استثمر فيهم وسيردون الدين أضعافا.