ما الذي عرقل إقرار قانون جاستا؟
الاثنين - 26 سبتمبر 2016
Mon - 26 Sep 2016
القوانين الموجهة عادة ما تشرع وتشن لاستهداف دول معينة بغية الابتزاز السياسي أو المالي رغم أنها تمرر كقانون عام ولتحقيق مصلحة عامة وعليا، في حين أن الهدف والغاية من تشريعها والمستهدف فيها محدد سلفا ومعروف، وقانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب» (JASTA) أنموذج لها، فالقانون يستهدف ابتزاز دول سياسيا وماليا، وتحركه لوبيات سياسية ذات توجهات ودوافع ضدها.
هذا القانون خسر يوم الجمعة الماضي ثاني مراحله التشريعية باستخدام الرئيس الأمريكي باراك أوباما الفيتو الرئاسي لتعطيله، كما كان متوقعا عطفا على تصريحات البيت الأبيض التي رافقت إقراره من قبل الكونجرس في التاسع من سبتمبر الماضي. الرئيس الأمريكي برر استخدامه للفيتو بأن التوقيع على هذا القانون «سيكون له تأثير ضار على الأمن القومي للولايات المتحدة»، وأن مشروع القانون «يعارض أسلوب العمل الذي التزمت به الولايات المتحدة في الساحة الدولية على مدى عقود»، وأن هذه الوثيقة «قد تدمر مفهوم الحصانة السيادية التي تدافع عن المواطنين الأمريكيين منذ زمن طويل».
المبررات التي أوردها الرئيس الأمريكي لنقض قانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب» أمريكية بحتة، تمحورت حول الأضرار المحتملة من التوقيع على هذا القانون على الأمن القومي للولايات المتحدة، والحصانة السيادية بالدرجة الأولى، وعلاقة الولايات المتحدة بجميع دول العالم وليس السعودية وحدها، كما أنه يصعَّب تعاون هذه الدول مع الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب، إلى جانب إدراكه لما يمكن أن يجلبه إقرار هذا القانون من صداع للولايات المتحدة عندما تتسابق باقي دول العالم لتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل.
نستنتج من تبرير الرئيس الأمريكي أن المصلحة الأمريكية وحدها كانت الدافع وراء استخدام الفيتو الرئاسي، لكن ذلك لا يعني أن الدبلوماسية السعودية لم يكن لها دور في ذلك، فالدبلوماسية السعودية واقعية غير متسرعة تعتمد على مبدأ الإقناع والصراحة والوضوح، وتضع النقاط على الحروف فيما يتعلق بأثر القانون على مكافحة الإرهاب الدولي، والتعاون المستقبلي بين الدول في ذلك، فالدبلوماسية السعودية لا زالت تسجل حضورا جيدا
ونجاحا واضحا في المشهد السياسي، وحراكها المستمر على كل الأصعدة أعاد بلورة كثير من الرؤى السياسية حول قضايا كثيرة.
على الجانب الآخر تدرك الولايات المتحدة جيدا معنى مبدأ المعاملة بالمثل سياسيا واقتصاديا، وأبواب الشر التي يمكن أن يفتحها على سياسييها وقادتها العسكريين وشركاتها التي تتاجر بالسلاح وغيره، ولاسيما أن القانون المزمع تشريعه لم يحظ برضا الاتحاد الأوروبي، وكان موقف الاتحاد الأوروبي واضحا، وأُبلغ لوزارة الخارجية الأمريكية صراحة «أن التبني والتنفيذ المحتمل لمشروع القانون سيتعارض مع المبادئ الأساسية للقانون الدولي، خصوصا مبدأ حصانة سيادة الدولة»، وأن الاتحاد الأوروبي يعتبر تبني القانون وتنفيذه قد تكون لهما عواقب غير مرغوبة مع تبني دول أخرى تشريعات مماثلة، قد تتبع نفس المبدأ معها، مما قد يعرض كثيرا من قادتها العسكريين وسياساتها لقضايا مماثلة.
وهو ما ألمح له جوش إرنست، المتحدث الإعلامي باسم البيت الأبيض في كلمته للكونجرس عقب استخدام أوباما للفيتو الرئاسي في محاولة لثني الكونجرس عن العمل لتجاوز الفيتو «أن تجاوز فيتو الرئيس يعني أن هذا البلد بدأ باتباع نهج أقل قوة في التعامل مع الإرهاب، وقد يفتح المجال أمام رفع دعاوى قضائية ضد أعضاء الخدمة والدبلوماسيين والشركات الأمريكية في محاكم كنغر حول العالم»، ويقصد به المعركة التالية التي سيمر بها القانون عند عودتها.
واستخدام الفيتو الرئاسي لا يعني تعطيل القانون نهائيا، فالمعركة لا تزال مستمرة، والقانون سيدخل معركته السياسية الأخيرة عندما يعود إلى الكونجرس مرة أخرى للحصول على تأييد ثلثي الأصوات لتجاوز الفيتو الرئاسي، ولا سيما أن هناك تسريبات تشير إلى أن الكونجرس يملك الأصوات الكافية لتجاوز الفيتو الرئاسي حسب ما نقلت وكالة «فرانس برس» في وقت سابق عن مصادر مطلعة في الكونجرس، ولا يعرف ما إذا كان ذلك صحيحا أم كان يستخدم للضغط على البيت الأبيض وثنيه على استخدام الفيتو الرئاسي.
خلاصة القول أن المصالح الأمريكية وحدها خلف استخدام الفيتو الرئاسي لتعطيل قانون «جاستا»، لكنها قد تغيب عن ذهن أعضاء مجلس الكونجرس ويتم إقراره بثلثي الأصوات، هنا يجب أن يكون للدبلوماسية السعودية دور أكبر في إقناع السياسي الأمريكي بتقاطع المصالح الأمريكية السعودية في مواضع كثيرة، ومن بينها الحرب على الإرهاب، والتحالف الاستراتيجي، والاقتصاد والاستثمار، ولا سيما أن السياسي الأمريكي رأسمالي وبراجماتي بحت.
[email protected]
هذا القانون خسر يوم الجمعة الماضي ثاني مراحله التشريعية باستخدام الرئيس الأمريكي باراك أوباما الفيتو الرئاسي لتعطيله، كما كان متوقعا عطفا على تصريحات البيت الأبيض التي رافقت إقراره من قبل الكونجرس في التاسع من سبتمبر الماضي. الرئيس الأمريكي برر استخدامه للفيتو بأن التوقيع على هذا القانون «سيكون له تأثير ضار على الأمن القومي للولايات المتحدة»، وأن مشروع القانون «يعارض أسلوب العمل الذي التزمت به الولايات المتحدة في الساحة الدولية على مدى عقود»، وأن هذه الوثيقة «قد تدمر مفهوم الحصانة السيادية التي تدافع عن المواطنين الأمريكيين منذ زمن طويل».
المبررات التي أوردها الرئيس الأمريكي لنقض قانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب» أمريكية بحتة، تمحورت حول الأضرار المحتملة من التوقيع على هذا القانون على الأمن القومي للولايات المتحدة، والحصانة السيادية بالدرجة الأولى، وعلاقة الولايات المتحدة بجميع دول العالم وليس السعودية وحدها، كما أنه يصعَّب تعاون هذه الدول مع الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب، إلى جانب إدراكه لما يمكن أن يجلبه إقرار هذا القانون من صداع للولايات المتحدة عندما تتسابق باقي دول العالم لتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل.
نستنتج من تبرير الرئيس الأمريكي أن المصلحة الأمريكية وحدها كانت الدافع وراء استخدام الفيتو الرئاسي، لكن ذلك لا يعني أن الدبلوماسية السعودية لم يكن لها دور في ذلك، فالدبلوماسية السعودية واقعية غير متسرعة تعتمد على مبدأ الإقناع والصراحة والوضوح، وتضع النقاط على الحروف فيما يتعلق بأثر القانون على مكافحة الإرهاب الدولي، والتعاون المستقبلي بين الدول في ذلك، فالدبلوماسية السعودية لا زالت تسجل حضورا جيدا
ونجاحا واضحا في المشهد السياسي، وحراكها المستمر على كل الأصعدة أعاد بلورة كثير من الرؤى السياسية حول قضايا كثيرة.
على الجانب الآخر تدرك الولايات المتحدة جيدا معنى مبدأ المعاملة بالمثل سياسيا واقتصاديا، وأبواب الشر التي يمكن أن يفتحها على سياسييها وقادتها العسكريين وشركاتها التي تتاجر بالسلاح وغيره، ولاسيما أن القانون المزمع تشريعه لم يحظ برضا الاتحاد الأوروبي، وكان موقف الاتحاد الأوروبي واضحا، وأُبلغ لوزارة الخارجية الأمريكية صراحة «أن التبني والتنفيذ المحتمل لمشروع القانون سيتعارض مع المبادئ الأساسية للقانون الدولي، خصوصا مبدأ حصانة سيادة الدولة»، وأن الاتحاد الأوروبي يعتبر تبني القانون وتنفيذه قد تكون لهما عواقب غير مرغوبة مع تبني دول أخرى تشريعات مماثلة، قد تتبع نفس المبدأ معها، مما قد يعرض كثيرا من قادتها العسكريين وسياساتها لقضايا مماثلة.
وهو ما ألمح له جوش إرنست، المتحدث الإعلامي باسم البيت الأبيض في كلمته للكونجرس عقب استخدام أوباما للفيتو الرئاسي في محاولة لثني الكونجرس عن العمل لتجاوز الفيتو «أن تجاوز فيتو الرئيس يعني أن هذا البلد بدأ باتباع نهج أقل قوة في التعامل مع الإرهاب، وقد يفتح المجال أمام رفع دعاوى قضائية ضد أعضاء الخدمة والدبلوماسيين والشركات الأمريكية في محاكم كنغر حول العالم»، ويقصد به المعركة التالية التي سيمر بها القانون عند عودتها.
واستخدام الفيتو الرئاسي لا يعني تعطيل القانون نهائيا، فالمعركة لا تزال مستمرة، والقانون سيدخل معركته السياسية الأخيرة عندما يعود إلى الكونجرس مرة أخرى للحصول على تأييد ثلثي الأصوات لتجاوز الفيتو الرئاسي، ولا سيما أن هناك تسريبات تشير إلى أن الكونجرس يملك الأصوات الكافية لتجاوز الفيتو الرئاسي حسب ما نقلت وكالة «فرانس برس» في وقت سابق عن مصادر مطلعة في الكونجرس، ولا يعرف ما إذا كان ذلك صحيحا أم كان يستخدم للضغط على البيت الأبيض وثنيه على استخدام الفيتو الرئاسي.
خلاصة القول أن المصالح الأمريكية وحدها خلف استخدام الفيتو الرئاسي لتعطيل قانون «جاستا»، لكنها قد تغيب عن ذهن أعضاء مجلس الكونجرس ويتم إقراره بثلثي الأصوات، هنا يجب أن يكون للدبلوماسية السعودية دور أكبر في إقناع السياسي الأمريكي بتقاطع المصالح الأمريكية السعودية في مواضع كثيرة، ومن بينها الحرب على الإرهاب، والتحالف الاستراتيجي، والاقتصاد والاستثمار، ولا سيما أن السياسي الأمريكي رأسمالي وبراجماتي بحت.
[email protected]