عبدالرحمن عمر خياط

أعطني حريتي أطلق يدي

الاثنين - 25 يونيو 2018

Mon - 25 Jun 2018

قرأت في جريدة الوطن في 30 شعبان 1439 مقالا للأخ عبدالقادر الغامدي أثارني عنوانه «لماذا كل هذا الهجوم؟» وبعد قراءة المقال هدأت ثائرتي، إذ كان العنوان مناسبا لما حواه المقال، حيث بدأ الكاتب بعبارة «يكاد يكون منصب وزير التعليم من أصعب المناصب في المملكة»، وأستأذن الكاتب في حذف الكلمة الأولى - يكاد - لأبدأ بعد الاعتماد على الله عز وجل. إن الملك المؤسس والباني لهذا الكيان الكبير الشامخ كان حكيما ملهما عندما خير السيد محمد طاهر الدباغ بين وزارتي الأوقاف والتعليم، فاختار السيد الدباغ التعليم، فقال له الملك «أسلمك عيون الأمة»، وكان لوقع هذه العبارة بكلماتها الثلاث وقع كبير في نفس السيد الدباغ فبدأ بقوة، وكان إذا حزبه أمر يستأذن في عرضه على الملك مباشرة، ومرة إثر مرة، قال له الملك: افعل يا سيد ما تراه الأصلح والأنفع لتطور التعليم، فأنت كل ثقتي إن شاء الله. فأسس مدرسة في تحضير البعثات بمكة المكرمة بجبل هندي، وأدخل المواد (الإنجليزية، الأحياء، الكيمياء، الجغرافيا، المنطق)، واستقدم من مصر بواسطة رشيد حنا خمسة أساتذة لتدريس هذه العلوم (أربعة أعضاء برئاسة محمد رشوان)، وكان اختيار هؤلاء الأساتذة الخمسة اختيارا موفقا، وأمر الملك عبدالعزيز بالاحتفال بهؤلاء الأساتذة، فاحتفل بهم في حفل حضره السيد الدباغ ونائب رئيس مجلس الشورى السيد صالح بكري شطا، والأستاذ الكبير إبراهيم داود فطاني، والأستاذ إبراهيم الشورى، وكل شخصيات الحكومة، وبدأ الحفل بتلاوة آيات من القرآن الكريم ثم كلمة للأستاذ محمد رشوان، شكر فيها الملك عبدالعزيز والأستاذ رشيد رضا، ووزير المعارف السيد الدباغ وكل من حضروا ذلك الحفل الذي أقيم بفندق بنك مصر بمكة في حي أجياد، وكان مما قاله رشوان: إنه شرف كبير لي ولرفاقي أن نستقدم لتعليم أبناء هذا البلد الطاهر المقدس، وكان كرر هذه العبارة متوجها للسيدين صالح شطا وطاهر الدباغ اللذين طلبا من الأستاذ المدرس بالحرم الشريف الشاعر إبراهيم فطاني الرد على كلمة الأستاذ محمد رشوان بما يناسب المقام، وفهم الأستاذ فطاني عبارة «بما يناسب المقام»، وهكذا هم الكبار والأستاذ فطاني منهم، فاستأذن 30 دقيقة، نظم خلالها قصيدة من 18 بيتا، أول أبياتها:

تلفت أسألها ما الخبر؟

وفيم الدلال ومم الخفر؟

فأبصرت حفلا بهي

الرؤى تصدره مخلصون غير

على الرحب هذي ربوع البلاد

لكم موطن وبها مستقر

فأنتم أثرتم لنا الذكريات

وبالذكريات هدى المعتبر

إذا جئتم كي تردوا الجميل

جميل الحجاز الذي قد غبر

وهنا توقف الشاعر وأول من صفق له الأساتذة الضيوف، وهكذا كان.