أمير المدينة: تجاوزنا الجانب النظري في الأنسنة وصولا للواقع الملموس

الأربعاء - 09 مايو 2018

Wed - 09 May 2018

أكد أمير منطقة المدينة المنورة، رئيس هيئة تطوير المدينة المنورة فيصل بن سلمان خلال افتتاحه أمس الأول المؤتمر الدولي الأول لأنسنة المدن، بحضور نائبه سعود بن خالد، وجمع من المشاركين المحليين والدوليين، والمسؤولين، في قاعة المؤتمرات بجامعة طيبة، أن المنطقة تجاوزت الجانب النظري في الأنسنة ووصلت إلى مرحلة الواقع الملموس من خلال مشروعات ذات ملامح عمرانية واجتماعية وبيئية وثقافية تنفذها هيئة تطوير المدينة.

فرص عمل جديدة

وقال إن لتطوير تلك المواقع بعدا اقتصاديا واجتماعيا يكمن في إشراك أصحاب الأملاك الصغيرة في منظومة التنمية والتطوير، وذلك باستثمارها بأشكال منفردة أو متضامنة، ويتيح ذلك فرصا عدة للأعمال المتوسطة والصغيرة، بما يسهم في الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية وخلق فرص عمل جديدة لأبناء المدينة.

وأشار إلى أن الرسالة المحمدية التي انطلقت من المدينة المنورة، ووضعت أسس الحياة التي ترتكز على تقدير وتكريم الإنسان ووضعه في المنزلة الحقيقية، نظمت التعاملات الإنسانية بين سكانها على مر العصور، وتشكلت الهوية العمرانية المتميزة التي تجسد ملامح الارتباط الوثيق بين الإنسان ومحيطه بصورة تفاعلية.

الهوية العمرانية

وبين أن قيادة هذه البلاد تشرف منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز– طيب الله ثراه – ثم أبنائه البررة من بعده، وصولا إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بتقديم الرعاية والاهتمام بالحرمين الشريفين. ولفت إلى حرص الدولة من خلال سعيها لإقامة مدن جديدة وتوسع في العمران في المدن القائمة بمختلف مناطق المملكة، والمحافظة على الهوية العمرانية لكل منطقة، وخاصة في المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى.

وشدد على أنه لا تناقض بين تطوير أوساط المدن والأحياء القديمة والبناء الجديد، مع المحافظة على الهوية المحلية وتعزيزها وتطويرها، ملمحا إلى أن الهوية لا تعني الجمود ولا الانحصار في مفردات عمرانية محدودة، بل تتطلب الحفاظ على ما يمكن من موروث، والتعامل بمرونة والتكيف مع ما يستجد من تطوير في مجالات الحياة. وقال «التحدي يكمن في فهم مضامين الهوية والسماح بالتطوير ضمن ثوابتها، بحيث تستوعب المستجدات وتستكمل مسيرة التطور التي بدأت منذ أكثر من 1400 عام».

بناء الإنسان والمكان

وأعرب عن ثقته بأن يشكل المؤتمر، الذي يعقد في المدينة بأبعادها التاريخية والحضارية والإنسانية ويحظى بمشاركة نخبة من العلماء والخبراء والباحثين في هذا المجال، انطلاقة فكرية جديدة تسهم في بناء الإنسان والمكان في العالم أجمع.

ووصف جلسات المؤتمر بأنها ثرية ومتعددة الجوانب، بما يحافظ على النسيج الاجتماعي الذي تشكل عبر الزمن في الأحياء والشوارع المستهدفة ضمن مشروعات الأنسنة. ثم شاهد أمير المنطقة ونائبه وعدد من الأمراء والمسؤولين والعلماء وضيوف الحفل عرضا مرئيا عن أنسنة المدن من منظور عالمي.

اهتمام خاص

من جهته أوضح الأمين العام لهيئة تطوير المدينة المهندس فهد البليهشي أن المدينة تحظى باهتمام خاص من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وامتد ذلك الاهتمام إلى الأمير فيصل بن سلمان، الذي جعل الأنسنة روح برامج تطوير المدينة، مؤمنا بالآثار الاجتماعية والاقتصادية والفكرية المرجوة من البرنامج، فكان بعض ما أراد، وظل المزيد مطلوبا.

وأضاف «جاءت فكرة عقد هذا المؤتمر الذي حظي بموافقة خادم الحرمين الشريفين كبادرة من الأمير فيصل بن سلمان، للتعرف على ما في العالم الأوسع من مجالات ومستجدات في مجال أنسنة المدن، وليضع أمام العالم ما تم من مشروعات في أنسنة المدينة». ولفت إلى أن المؤتمر جاء بالتزامن مع الإعلان عن برنامج جودة الحياة كأحد برامج رؤية المملكة 2030، مبينا أن أمير المدينة جعل الأنسنة روحا تمثلت في برامج التطوير.

وقدم عرضا مرئيا سلط من خلاله الضوء عن أنسنة المدينة المنورة بعنوان «رؤية و طموح»، ليروي جانبا من المشروعات التطورية التي تتمحور حول خدمة الإنسان وإسعاده.

تحديات كبيرة

من جانبه قال مدير شبكة أبحاث مستقبل الأماكن العامة باستكهولم، المدير التنفيذي لمؤسسة سوستايسس، الدكتور مايكل ميهافي «نعيش في وقت استثنائي يعد بالتأكيد واحدا من التحديات غير المسبوقة. إن علومنا وتقنياتنا ومنحنا الدراسية تجسد الثروات المتراكمة خلال قرون التقدم البشري، ومع ذلك فإن وقتنا هذا له قصوره أيضا ومخاطره والتزاماته. فنحن حتما نواجه ببطء تحديا كبيرا، وهو التحول عن النموذج الصناعي القديم للتنمية نحو نموذج أكثر ديمومة للتنمية البشرية والثقافات البشرية ورفاهية الإنسان. في هذه اللحظة، نحن جميعا نجاهد لفهم مسؤولياتنا الفردية والجماعية، والتصرف بناء على هذا المفهوم».

وأضاف «يبدو أن المدن، وأيضا البلدات والضواحي الصغيرة، ستلعب دورا محوريا في المدن والبلدات التي نعيش فيها. نحن الآن نسعى أكثر فأكثر خلف الفرص حيث ننشدها ونخلقها، ونستهلك الموارد، ومن ثم فإننا نلحق الضرر بالبيئة الطبيعية التي نعتمد عليها جميعا».

وأشار إلى عدد من الاتفاقات الدولية التاريخية، بما فيها أهداف التنمية المستدامة، واتفاق باريس للمناخ والخطة الحضرية الجديدة. وقال «يجب علينا أيضا أن نسأل: ما الذي نريد أن نستديمه؟ ومن المؤكد أن مجرد استخدام أدوات الاستدامة الجديدة في بعض الدول لن يكون كافيا، وتمنحنا العلوم تقديرا وإكبارا جديدا لدروس الاستدامة المتجسدة في أماكن التاريخ البشري التي استدامت عبر الزمان».

خزينة حية

وتحدث ميهافي عن تجربة هيئة تطوير المدينة قائلا «يمكننا بالتأكيد أن نرى هنا أمثلة عليها في التراث الرائع للمدينة المنورة، وفي المملكة على نطاق أوسع. هذه المباني والأماكن هي خزينة حية من الأنماط الناجحة، ونوع من الحمض النووي للمكان. ومن هذه الدروس، ومن دروس أخرى، يجب أن نتعلم إعادة إحياء مدن وبلدات أفضل وأكثر إنصافا، تتسم بالثبات والجمال، تماما مثل الإنسان».

كما كرم أمير المنطقة في نهاية الحفل الرعاة والمشاركين في جلسات المؤتمر التي تتواصل حتى نهاية الأسبوع الحالي، كما التقطت الصور التذكارية بهذه المناسبة.