كيف نستيطع أن نفهم كرزاي؟

كثير من المراقبين المهتمين بأفغانستان يكافحون ليفهموا سبب رفض الرئيس الأفغاني توقيع الاتفاقية الأمنية الثنائية بين أفغانستان والولايات المتحدة، والتي من شأنها أن تضمن وجودا عسكريا أمريكيا في أفغانستان بعد 2014 لمكافحة الإرهاب وتدريب القوات الأفغانية

كثير من المراقبين المهتمين بأفغانستان يكافحون ليفهموا سبب رفض الرئيس الأفغاني توقيع الاتفاقية الأمنية الثنائية بين أفغانستان والولايات المتحدة، والتي من شأنها أن تضمن وجودا عسكريا أمريكيا في أفغانستان بعد 2014 لمكافحة الإرهاب وتدريب القوات الأفغانية

السبت - 08 فبراير 2014

Sat - 08 Feb 2014



كثير من المراقبين المهتمين بأفغانستان يكافحون ليفهموا سبب رفض الرئيس الأفغاني توقيع الاتفاقية الأمنية الثنائية بين أفغانستان والولايات المتحدة، والتي من شأنها أن تضمن وجودا عسكريا أمريكيا في أفغانستان بعد 2014 لمكافحة الإرهاب وتدريب القوات الأفغانية

الاتفاقية الأمنية يجب أن تكون قضية منتهية: في العام الماضي تم وضع اللمسات النهائية من قبل البلدين، وصادق المجس الأعلى للعشائر (لويا جيرغا) عليه بأغلبية ساحقة

ومع ذلك فإن السيد كرزاي، رغم استياء واشنطن، يريد التفاوض على بنودها مرة أخرى

لماذا؟البعض يعتقد خطأ أن السيد كرزاي يسعى لمصلحته الشخصية، مثل حصانة سياسية لنفسه ولأسرته

آخرون يعتقدون أنه من خلال إدلائه بتصريحات ينتقد فيها قوات حلف الناتو وإدارة أوباما، يحاول كرزاي أن يرضي حركة طالبان، وبذلك يضمن لنفسه دورا سياسيا هاما في أفغانستان ما بعد 2014

هناك آخرون يتهمونه بسذاجة بأنه ألعوبة بيد دول مجاورة مثل باكستان وإيران

ليس هناك أي من هذه التفسيرات مقنع لغالبية الأفغان، الذين يعتقدون أن الرئيس كرزاي وطني مخلص، وهو مهتم بشكل عميق بسيادة ووحدة الأراضي الأفغانية

ومع أنه تعرض لانتقادات واسعة بسبب فشله في إدارة البلد، الذي تعرض للشلل بسبب الفساد والحكم السيئ، إلا أنه يتمتع باحترام نسبي بين الأفغان العاديين

علاقة الرئيس كرزاي متوترة مع الولايات المتحدة منذ انتخاب الرئيس باراك أوباما في 2008

أول خلاف بدأ حول استراتيجية البيت الأبيض الخاطئة في مكافحة الإرهاب؛ التي تجنبت استهداف ملاذات الإرهابيين في باكستان

السيد كرزاي أصر عدة مرات أن الحرب على الإرهاب يجب ألا تتم في بيوت الأفغان، ولكن في شمال وزيرستان، كويتا، وبيشاور، حيث يختبئ قادة القاعدة وطالبان

لكن الولايات المتحدة رفضت إعادة النظر في سياستها، الأمر الذي دفع كرزاي للتساؤل حول حقيقة نوايا الولايات المتحدة، حتى إنه قال إن أمريكا تنسق سرا هجمات إرهابية بهدف إضعاف موقعه

عدم ثقة السيد كرزاي بإدارة أوباما تعمقت بعد الانتخابات الرئاسية في أفغانستان 2009، حين اتهم الولايات المتحدة بمحاولة تقويض شرعيته من خلال تجاهل فوزه المبدئي والدفع باتجاه انتخابات ثانية

ذلك الاتهام أيده روبرت جيتس في مذكراته التي نشرت مؤخرا، والتي يقول فيها وزير الدفاع الأمريكي السابق إن المبعوث الأمريكي الخاص السابق إلى أفغانستان، ريتشارد هولبروك، حاول استغلال الانتخابات

ومما زاد من إحساس كرزاي بالإحباط هو فشل مبادرته للسلام، والتي أطلقها في 2010

كان يعتقد بصدق أنها يمكن أن تثمر، خاصة وأنه حصل على دعم دول المنطقة وقوى الناتو الرئيسة

لكن الخطة لم تكتسب زخما بالرغم من تنازلات كرزاي أحادية الجانب، مثل رفع اسم حركة طالبان من قائمة عقوبات الأمم المتحدة وإطلاق سراح مئات من أعضاء طالبان من السجون الأفغانية

وما وضع الملح على الجرح أن حركة طالبان رفضت التفاوض مع السيد كرزاي رغم أنهم تفاوضوا بشكل مباشر مع الولايات المتحدة

هذه الاجتماعات السرية بين طالبان ومسؤولين أمريكيين ودول غربية أخرى، والتي بدأت 2010، قادت إلى فتح مكتب لطالبان في قطر 2012

هذا الأمر أغضب السيد كرزاي وعزز نظريته حول وجود أجندة أمريكية سرية

السيد كرزاي يعرف أن حركة طالبان تعارض بقوة الانضمام إلى العملية السياسية الحالية من خلال قبول مواقع في الحكومة لأنهم يشككون بشرعيتها

لكن هناك إشاعات بـأن طالبان، خلال اجتماعاتها السرية مع مسؤولين أمريكيين، أبدت اهتمامها بأن تدير مناطق جنوب البلاد الواقعة تحت سيطرتها

حتى إنهم يمكن أن يقبلوا الاتفاقية الأمنية الثنائية واستمرار وجود القوات الأمريكية مقابل حكم ذاتي إداري

إما لخوفه من مؤامرة، أو على أساس المعلومات الاستخباراتية المتوفرة له فقط، يعارض كرزاي اتفاقا بين الولايات المتحدة وطالبان يجعله على الهامش من الناحية السياسية

بالإضافة إلى ذلك، هو قلق من أن مثل هذا الاتفاق سيضمن خسارة قاعدته السياسية في الجنوب، وحتى قريته، التي يمكن أن تقع تحت إدارة طالبان

في نهاية الأمر، يخشى كرزاي أن يدخل التاريخ على أنه القائد الذي ساهم في تقسيم عملي لبلده

في الوقت الحاضر، رفض الرئيس الأفغاني كرزاي توقيع الاتفاقية الأمنية الثنائية هو النفوذ الوحيد الذي يملكه أمام الولايات المتحدة

كرجل عاقل ومنطقي أمامه أقل من ثلاثة شهور ليترك موقع السلطة، هذه الحركة مفهومة ومنطقية: هو يريد بقوة أن ينقذ إرثه ومستقبله السياسي

* وول ستريت جورنال