اليمن.. الدخول من البوابة الإيرانية

مع التدهور الخطير الذي تمر به الجمهورية اليمنية، يتحاشى المشروع السياسي للحركة الحوثية في اليمن رسم التصور الواضح والصريح لإنقاذ الدولة من الأزمة الحرجة التي تمر بها منذ إسقاط الرئيس السابق علي صالح، وهو ما خلق أزمة سياسية في البلاد زادت وطأتها منذ الظهور العسكري للحركة، وما أعقبه من تأزم واضطراب في اليمن على كافة الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية

مع التدهور الخطير الذي تمر به الجمهورية اليمنية، يتحاشى المشروع السياسي للحركة الحوثية في اليمن رسم التصور الواضح والصريح لإنقاذ الدولة من الأزمة الحرجة التي تمر بها منذ إسقاط الرئيس السابق علي صالح، وهو ما خلق أزمة سياسية في البلاد زادت وطأتها منذ الظهور العسكري للحركة، وما أعقبه من تأزم واضطراب في اليمن على كافة الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية

الاحد - 04 يناير 2015

Sun - 04 Jan 2015

مع التدهور الخطير الذي تمر به الجمهورية اليمنية، يتحاشى المشروع السياسي للحركة الحوثية في اليمن رسم التصور الواضح والصريح لإنقاذ الدولة من الأزمة الحرجة التي تمر بها منذ إسقاط الرئيس السابق علي صالح، وهو ما خلق أزمة سياسية في البلاد زادت وطأتها منذ الظهور العسكري للحركة، وما أعقبه من تأزم واضطراب في اليمن على كافة الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية.
هذا الوضع الخطير الذي تشرف عليه الحركة الحوثية هو المعرقل الرئيس لكل جهود المجلس الدولي وجهود مجلس دول التعاون الخليجي وخصوصا ما تقوم به المملكة العربية السعودية من مبادرات ومساع دولية كانت وما زالت تهدف إلى مساعدة اليمن الشقيق على مواجهة مصاعبه والوقوف معه ليتصدى للتدخلات الخارجية المحركة لاضطراباته الداخلية.
فالحركة الحوثية ذات مشروع سياسي مضطرب كما يراه العديد من المحللين من داخل اليمن، كما أنه غير كافي لبناء تصور واضح يمكن من خلاله قيادة الدولة المدنية إلى بر الأمان، لعدة أسباب لعل أهمها هو: استمرارية التباينات المتعمدة والمتكررة في المشهد الحوثي العام والتي يمكن رصدها من خلال التصريحات الخطابية المتناقضة للحركة، كما أن تبنيها للمشروع السياسي الظاهري على أسس المذهب الزيدي بما فيه من فكر سياسي واضح المعالم يتناقض تماما مع مطالب الحركة السياسية التي لا تتفق مع عقيدة المذهب، والذي تنادي الحركة بأنها الحامية لحماه.
فضلا عن افتقار الحركة للبرنامج السياسي المتكامل والمعلن، على ضوء ذلك الفقر لن يمكن بأية حال قياس المواقف والسلوكيات السياسية أو الحصول على تصور لخط السير السياسي لهذه الحركة.
وبكل موضوعيه، فارتباط الحركة الحوثية بإيران قيدها سياسيا بها حتى تحولت نسخة مصغرة للسياسة الإيرانية في اليمن بالنظر إلى التطابق في الجوانب السياسية فكرا وسلوكا.
وتبعا لذلك فإن المعرفة بالسياسة الإيرانية والدخول منها سيسهل على المراقبين فهم ما يجري في اليمن من قبل الحوثيين.
غير أن أهم جوانب التطابق الحوثي الإيراني التي يرصدها المحللون اليمنيين أنفسهم من داخل اليمن هو ظاهرة التناقضات في اتخاذ المواقف أيضا مع اللجوء والاعتماد على ميكانيكية تخليق وتصنيع الأجنحة السياسية المتفرعة عن الحركة بأسلوب غير مباشر لتكون بمثابة «وكيل سياسي» يمارس «التقية» حتى يتمكن من التغلغل في الأوساط الاجتماعية والسياسية لتحقيق مكاسب الحركة الأم مع تحقيق عدم حضورها المباشر على مسرح الصراع وهو ما يجنبها أي التزامات أو تبعات قد تترتب على حضورها المباشر.
ففيما سبق رفضت الحركة الحوثية المبادرة الخليجية حتى لا تعترف بأي استحقاق تفرضه المبادرة لاحقا ولكن أحد أجنحة الحركة أو وكيلها السياسي «حزب الحق» كان من بين الموقعين على المبادرة في الرياض، هذا الحضور بالوكالة مكن من حصول الحزب على مقعده الوزاري في الحكومة اليمنية وصارت الحركة الحوثية شريكه في صناعة القرار السياسي دون تحمل تبعات أو التزامات بتنفيذ القرارات الحكومية، أيضا فإن جناحها الآخر «حزب الأمة» تم تفويضه للتحاور الديبلوماسي مع الجانب الأمريكي في وقت ترفع فيه شعارات إيران بالموت لإسرائيل وأمريكا.
كما أن الحزب الديموقراطي اليمني أعلن سابقا رفضه المشاركة في حوارات المؤتمر الوطني (لأنها بحسبهم ليست إلا مؤامرة أمريكية على هيئة مبادرة خليجية) التي وافقت الحركة الحوثية الأم على المشاركة بها.
ومع هذه المتابعات عبر السنوات الأخيرة يجد المراقب والمتتبع للشأن اليمني أن هذه الأحزاب الحوثية بالوكالة المتغلغلة في المشهد اليمني الراهن هي ما يعرقل في حقيقة الأمر بنود الاتفاقات الداعية لاستتباب الأمن داخل اليمن.
استعادة الدولة اليمنية ومؤسساتها من الميليشيات التي يرفضها الشعب، مطلب مهم جدا يصب في صالح الشعب اليمني ويمهد إلى استئناف مسيرة التنمية الوطنية في البلاد لأن السعي الحالي إلى «حوثنة» اليمن على كافة الأصعدة حتى على المستوى الإعلامي! ربما سيؤدي إلى «قعدنة» و»دعشنة» بقية الأطياف اليمنية الرافضة للتغلغل الحوثي، مما ينبئ بحدوث كارثة ستضع المجتمع الدولي في مأزق كبير فضلا عن الأزمات الأمنية التي ستعاني منها الدول المحيطة باليمن.
دعم الحكومة الشرعية المتفق عليها من كافة الأطياف اليمنية داخل اليمن وإعادة إعمار وتنمية المناطق البعيدة عن الصراعات والاضطرابات داخل اليمن هي الحل في رأب الصدع في الداخل اليمني، وهو ما سيضرب بيد من حديد على الأيدي المعرقلة لآليات تنفيذ العملية السياسية سواء من الداخل أو الخارج اليمني، كما أن الالتزام بالصورة المطلوبة لتنفيذ قرارات مجلس الأمن رقم 2140 الصادر تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة سيكف أيدي العابثين بمسيرة اليمن السياسية والأمنية والاقتصادية التي وضعوها على حافة الوقوع الكارثي غير آبهين بأبناء الشعب اليمني الشقيق ولا بجهود الشرفاء من أبنائه وأشقائه لاستعادة الاستقرار والمضي به قدما نحو مسيرة التنمية والبناء.