الخائفون من الرسوم.. من قصص الإيثار والتضحية!

أكتب هذا المقال في وسط الكثبان الرملية التي تنتشر في صالة منزلنا العامر -والمستأجر طبعا- وعاصفة الغبار التي اجتاحت المنطقة كانت متزامنة مع عدة عواصف أخرى، لكن وبما أن هذا التراب الذي نأكله ونتنفسه هو تراب الوطن فلعله من المناسب الحديث عن تراب الوطن الآخر الذي يأكله العقاريون وتجار التراب.
ومن عجائب ما سمعت به العرب -وربما بعض العجم- أن هؤلاء العقاريين ملؤوا الدنيا صراخا وعويلا بعد الموافقة المبدئية على فرض الرسوم على الأراضي البيضاء، يصرخون في كل محفل بأن هذه الرسوم سترفع من أسعار العقار، وهذا يعني عمليا زيادة أرباحهم، ولعل هذا من أغرب ما سمع به الخلق من قصص الإيثار والتضحية، فهم يرتجفون خوفا من أن تزيد أرباحهم فلله درهم من قوم لا يحبون أنفسهم ويفكرون في غيرهم ويضحون بمكاسبهم ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة!ثم إن العجب لا ينتهي، وقد عقدوا العزم على «جلط» العالم بقصصهم المحببة إلى النفس، فقد قال أحدهم بعد مزاد لبيع مخطط سكني أقيم هذا الأسبوع وشهد حضورا كثيرا من الجمهور -رغم أن المشترين يعدون على أصابع اليد الواحدة- قال لا فض فوه: إن هذا الجمهور الغفير بمثابة استفتاء شعبي على أن أسعار العقار يجب أن تبقى مرتفعة!وهو طبعا يتخيل أن الشعب الذي يتحدث عنه لديه نفس الرغبة في الإيثار والتضحية، فكما أنه هو لا يريد الأرباح الكثيرة التي ستسببها الرسوم، فإن الشعب أيضا يبادله الإيثار ويريد أن يدفع لهذا العقاري أموالا طائلة أضعاف الثمن الحقيقي للعقار.
وعلى أي حال.
.
هذا تصور خاطئ من هذا العقاري النبيل، فنحن معاشر الناس ليس لدينا نفس الإيثار الذي لديه، ونريد فعلا أن نشتري منازل بأسعار منطقية تتناسب مع دخلنا!