قيادة التغيير

ما نشاهده اليوم من تحركات شجاعة من منسوبي وزارة التجارة وبعض الأمانات يعد مشروعا قياديا للتغيير ومتجها نحو الرقي بمستوى أداء سوق السلع والخدمات الاستهلاكية التي فقدت ثقة المستهلك وضللت مقاييسه للجودة والأداء

ما نشاهده اليوم من تحركات شجاعة من منسوبي وزارة التجارة وبعض الأمانات يعد مشروعا قياديا للتغيير ومتجها نحو الرقي بمستوى أداء سوق السلع والخدمات الاستهلاكية التي فقدت ثقة المستهلك وضللت مقاييسه للجودة والأداء

الجمعة - 19 ديسمبر 2014

Fri - 19 Dec 2014



ما نشاهده اليوم من تحركات شجاعة من منسوبي وزارة التجارة وبعض الأمانات يعد مشروعا قياديا للتغيير ومتجها نحو الرقي بمستوى أداء سوق السلع والخدمات الاستهلاكية التي فقدت ثقة المستهلك وضللت مقاييسه للجودة والأداء. لم يعد باستطاعة المستهلك ترشيد قراراته الشرائية لتماثل السلع من حيث الأداء والأسعار. ولم يعد كذلك قادرا على ترشيد قراراته للاشتراك بالخدمات لتماثل بنود العقود وأحيانا تناقضها المكشوف مع ما تروج له حملاتها الدعائية من مزايا وعروض. لقد اعتاد التجار بالسنوات الماضية على نمط تنظيمي أشبه بالغائب، واستغل البعض منهم تلك الظروف ليفرض على السوق تفضيلاته المتدنية للأداء.

واليوم، تقوم وزارة التجارة بمحاولات جادة لاسترداد قيادتها للسوق وإعادة الهيبة والحضور للنظام، وهي بذلك تشكل تهديدا لنماذج ربحية جشعة طال وجودها وتعالى فحشها المادي وندر إسهامها المجتمعي. لهذا من المتوقع أن تواجه الوزارة معارضة عنيفة أو محاولات ارتشاء مغرية لتتوقف عن مدها وتترك لأولئك الجشعين قيادة السوق والإبقاء على طريقتهم في السيطرة على التفضيلات، بالرغم من إلمامهم باحتياجات المستهلك وتفضيلاته فيما يتعلق بالأسعار والأداء.

من منبر صحيفة مكة، أود أن أتقدم لوزارة التجارة ومنسوبيها بكلمة. إن ما تقومون به هو مشروع قيادي وما تواجهونه من مقاومة هو حال طبيعية وسيكون موقتا، طال أم قصر. أسباب تلك المعارضة معروفة ولا يدعمها قانون ولا منطق، لهذا لن تستطيع الصمود طويلا، وستتراجع أمام جديتكم وإصراركم على رفع مستوى أداء السوق وأمام صرامة القانون وردع العقوبات. وفي خلال قيادة التغيير هذه، ستكون بعض المواقف معقدة والحرب فيها سجالا، ولكن الأكثر إصرارا سيكون الأكثر تأثيرا، بالمجمل. والذي يأمله الجمهور، أن تكون الوزارة هي الطرف الأقوى تأثيرا والأقل تنازلا عن كل ما من شأنه رفع أداء السوق. علما بأن الوزارة لن تحتاج إلى معاقبة الجميع، وقليل من الضربات الموجعة للكبار سيبعث بالكثير من الرسائل المنذرة والمحذرة للبقية بأن النظام واضح وتوقعات الأداء عالية وعاقبة تجاهلها وخيمة جدا إن ثبت وقوعها، ومن الحكمة تفعيل الرقابة الذاتية وتجنبها.

وبعد أن تستعيد الوزارة سيطرتها على السوق، وعلى تفضيلاته، سيعتاد التجار على الأجواء النظامية الجديدة وسيضعون القانون في الحسبان عند بناء نماذجهم الربحية وممارسة أنشطتهم التجارية مستقبلا. ولكن، قد تتطور وتتعقد أساليب التحايل بالمستقبل، ما يتطلب من الوزارة البقاء يقظة ومترقبة وسباقة لكشف ومنع محاولات التضليل والحد من تقدمها وانتشارها، حتى لا تتجدد الحاجة لقيادة تغيير أخرى مكلفة ومجهدة.

وختاما، كان تفاعل الجمهور مع مواقف الوزارة إزاء مشروعها القيادي للتغيير ملحوظا ويعكس تجدد الأمل وارتفاع الثقة والتوقعات بقياديي الوزارة، وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم.