معضلة غزة ومنفذها العربي

كان معبر رفح، وهو المنفذ الوحيد لقطاع غزة إلى العالم العربي؛ يعمل يوميا وفي كل الظروف. ولما اندلعت انتفاضة الأقصى، تداعت الأمور، فأصبح الاحتلال هو الذي يغلقه ويفتحه جزئيا. وللأسف كان سباق الفصائل إلى تنفيذ عمليات ضد الاحتلال، لا يستثني المرافق الحيوية الضرورية لأكثر من مليون ونصف المليون إنسان في قطاع غزة. لذا شهدت نقطة المنفذ عدة عمليات. ولم يميّز الموجهون لمجموعات المقاومة، بين الأهداف العسكرية والمنفذ كمرفق حيوي. ذلك علما بأن طبيعة الاحتلال نفسه

كان معبر رفح، وهو المنفذ الوحيد لقطاع غزة إلى العالم العربي؛ يعمل يوميا وفي كل الظروف. ولما اندلعت انتفاضة الأقصى، تداعت الأمور، فأصبح الاحتلال هو الذي يغلقه ويفتحه جزئيا. وللأسف كان سباق الفصائل إلى تنفيذ عمليات ضد الاحتلال، لا يستثني المرافق الحيوية الضرورية لأكثر من مليون ونصف المليون إنسان في قطاع غزة. لذا شهدت نقطة المنفذ عدة عمليات. ولم يميّز الموجهون لمجموعات المقاومة، بين الأهداف العسكرية والمنفذ كمرفق حيوي. ذلك علما بأن طبيعة الاحتلال نفسه

الاحد - 04 يناير 2015

Sun - 04 Jan 2015



كان معبر رفح، وهو المنفذ الوحيد لقطاع غزة إلى العالم العربي؛ يعمل يوميا وفي كل الظروف. ولما اندلعت انتفاضة الأقصى، تداعت الأمور، فأصبح الاحتلال هو الذي يغلقه ويفتحه جزئيا. وللأسف كان سباق الفصائل إلى تنفيذ عمليات ضد الاحتلال، لا يستثني المرافق الحيوية الضرورية لأكثر من مليون ونصف المليون إنسان في قطاع غزة. لذا شهدت نقطة المنفذ عدة عمليات. ولم يميّز الموجهون لمجموعات المقاومة، بين الأهداف العسكرية والمنفذ كمرفق حيوي. ذلك علما بأن طبيعة الاحتلال نفسه، والتشابك بين مصالح الناس وحاجاتها، والتدابير الاحتلالية، تستوجب التمييز بين المرافق الضرورية للناس والأهداف العسكرية، تماما مثلما لا ينبغي تفجير أنبوب مياه تضخها إسرائيل لسكان الضفة وغزة، أو الشاحنات التي تحمل غاز الطبخ والوقود. لكن غياب البوصلة والرؤية الواحدة، في الساحة الفلسطينية، خلط الحابل بالنابل، وهذا ما يريده المحتلون دائما، إذ يتسبب في إرهاق الشعب الفلسطيني وتنفيره من المقاومة السلمية والمسلحة. لذا كانوا يتذرعون بأية رصاصة في اتجاه منفذ رفح البري، لكي يغلقوه!

اشتق المحتلون فكرة إعادة الانتشار إلى خارج قطاع غزة أو ما سموه الانسحاب من جانب واحد. عندئذ أوقعوا مصر في إشكالية المعبر أو المنفذ البري، عندما وضعوا أمامها خيارين أحلاهما مر. فإن قررت مصر فتح المنفذ طيلة اليوم وبانتظام، ودون رقابة أمنية على المواد التي تدخل إلى القطاع؛ فإن إسرائيل ستغلق غزة من الشمال والشرق، وتُنهي اتصالها بالضفة بذريعة الأمن، وتكون غزة خرجت من الغلاف الجمركي الذي يربطها بالضفة، ويكون مشروع الدولة الفلسطينية قد انشطر جغرافيا. أما الخيار الثاني، فهو أن تلتزم مصر بتدابير إسرائيل الأمنية وأن تربط المنفذ الكترونيا وبكاميرات التصوير لكي يحضر الإسرائيلي دون أن يكون حاضرا. باختصار رفضت مصر الخيارين. فالأول، يضر المشروع السياسي الفلسطيني الذي عملت مصر طويلا من أجله، أما الخيار الثاني فهو مرفوض لأن مصر لا تقبل أن تنوب عن الاحتلال في القيام بتدابير أمنية. ومن هنا جاء اتفاق 2005 للمعبر وترتيب حضور أوروبي محايد.

كان هدف انسحاب قوات المحتلين، وتفكيك مستوطناتهم من داخل قطاع غزة، هو إيقاع شرخ في العلاقات الداخلية الفلسطينية توقعته مصالح الاستخبارات الإسرائيلية ومراكز دراساتها التي رأت أن غزة ستذهب إلى فضاء آخر غير فضاء الضفة، فينشطر مشروع الدولة بفأسين: الاستيطان الزاحف في الضفة وهيمنة قوات الاحتلال، وسيطرة حماس على غزة بالمنطق الذي يرفض السياسة ويشطر ورقتها ويدخلها إلى مربع الحرب غير المتكافئة. وهذا ما يريده المحتلون. بعد كل الأحداث التي مرت، عادت القوة المهيمنة على القطاع إلى الشطط في تقدير حاجات الناس، لأن استراتيجية عملها مستوحاة من أيديولوجية «الإخوان» الإقليمية وأجندتها. لم يكن منفذ رفح، في موضع الاهتمام قبل النطق السياسي وعند وضع رؤية التداخل والتساند بين حماس والجماعة في مصر. هناك الكثير من المبالغة في التقديرات المصرية للتورط الحمساوي، لكن الموقف السياسي الحمساوي مستفز للدولة المصرية، ولم يكن ينبغي تسجيله بحكم أن لغزة وضعها الخاص الذي يجب أن يراعى. الموقف اليوم، هو أن مصر لن تقبل بحماس على الطرف الآخر من المنفذ، كذلك ترفض الحكومة الفلسطينية تواجد حماس لأسباب عملية تتعلق بالموقف المصري. الآن، حماس تصر على التواجد وتتهم الآخرين، وبإصرارها تتعطل المصالح. وهذه هي إحدى معضلات الحياة الفلسطينية!