جماعة “الإخوان” تفاقم كارثة غزة

تتأذى فلسطين، وغزة على وجه خاص، من اتكاء جماعة “الإخوان” في الإقليم، على الحلقة الفلسطينية التي تحكم في غزة. وهنا، لا مجال لتعيين أي فارق بين هذه الحلقة و”حماس” التي يُفترض أنها جزء من حركة تحرر، ذات مهام مغايرة للمهام التي يراها سائر “الإخوان” في الإقليم لأنفسهم!

تتأذى فلسطين، وغزة على وجه خاص، من اتكاء جماعة “الإخوان” في الإقليم، على الحلقة الفلسطينية التي تحكم في غزة. وهنا، لا مجال لتعيين أي فارق بين هذه الحلقة و”حماس” التي يُفترض أنها جزء من حركة تحرر، ذات مهام مغايرة للمهام التي يراها سائر “الإخوان” في الإقليم لأنفسهم!

الاحد - 08 مارس 2015

Sun - 08 Mar 2015



تتأذى فلسطين، وغزة على وجه خاص، من اتكاء جماعة “الإخوان” في الإقليم، على الحلقة الفلسطينية التي تحكم في غزة. وهنا، لا مجال لتعيين أي فارق بين هذه الحلقة و”حماس” التي يُفترض أنها جزء من حركة تحرر، ذات مهام مغايرة للمهام التي يراها سائر “الإخوان” في الإقليم لأنفسهم!

إنها محاولة تكثيف جزء كبير من خصومة “الإخوان” للدولة في مصر، في غزة المنكوبة، ودفع “حماس” إلى جفاء سياسي وهجاء إعلامي، ينعكس على غزة التي ليس لها أي متنفس سوى مصر. فقد أوصلت هذه الحال قطاع غزة، إلى وضعية سجن أضيق من مساحة بعض السجون في أمريكا وروسيا، وليس له بحبوحتها، ولا بوابات إدخال الاحتياجات. ويتفاقم الأمر، حين يكون القصف الإسرائيلي قد أحال أحياء بكاملها، إلى ركام، ثم عزّ على الناس وعلى معاونيهم في العالم، رفع هذا الركام وإعادة بناء ما دُمّر. وفي السياق، يتجاهل فقهاء ورموز الجماعة في الإقليم، فضلاً عن تجاهلهم لواقع الكارثة والإغلاق، العامل الاجتماعي، وأن غزة موصولة بمصر تاريخياً، وأن عائلاتها تتوزع بين مصر وفلسطين، وهناك أواصر قربى، وطلاب علم وطبابة، وأصحاب أعمال وأناس مضطرون للمرور عبر مصر، من غزة إلى العالم العربي والعالم، أو من الدنيا إلى غزة عبر مصر.

كان الأنبل والأتقى، أن يحث فقهاء الجماعة ورموزها، أشقاءهم الحمساويين على النأي بالنفس بخصوص معركة الدولة مع “الإخوان” ومع الإرهاب، وأن يتفهم الإخوانيون العرب، صعوبة موقف “الإخوان” الفلسطينيين. وليست المسألة هنا، مسألة مبدأ، أو مسألة موقف عقائدي من الاستعمار والصهيونية، لأن المبدأ أطيح به في أمثلة كثيرة، عندما حظيت جماعة “الإخوان” بالاستقرار في بلدان ليست الدُول فيها على خصومة مع الأمريكيين ولا تحارب المحتلين الإسرائيليين. فقد أظهرت “الجماعة” تقبلاً لهذه الدول وتعاونت مع أنظمتها، بل إن الجماعة في الإقليم، لم تمانع في أن تؤسس “حماس” علاقة مع النظام السوري قبل انفجار ثورة السوريين وغضبهم والمطالبة بالحرية. ذلك على الرغم من تضمين دستور النظام السوري، في سابقة فريدة، مادة تنص على أن الحكم بالإعدام هو جزاء من ينتمي لجماعة “الإخوان”. وكان ذلك مقابل مكتب إعلامي، يمارس نشاطاً اجتماعياً.

وفي الجزائر، وعلى النقيض من موقف “الإخوان” في الإقليم، تفهم الفقهاء والرموز الإخوانيون، حاجة الشيخ محفوظ نحناح، مرشد الحلقة الجزائرية من الجماعة، عندما تماشى مع وقف المسار الانتخابي في شهر يناير من العام 1992 ووقف مع الدولة التي أحبطت مسعى “الجبهة الإسلامية للإنقاذ” للوصول إلى الحكم. فلماذا غزة هي وحدها التي لا يُراعى ظرف لها ولا يترك الإخوانيون في الإقليم حلقتها الفلسطينية تتماشى مع شيء تضطر إليه إن لم تقتنع به؟! لقد كان واضحاً، من خلال ردود أفعال “حماس” في غزة، على قرار محكمة مصرية، قضت باعتبار “حماس” إرهابية، أن جماعة “الإخوان” في الإقليم هي التي تدير السجال من الجانب الحمساوي. فالمفردات المستخدمة تتبدى معطوفة على معركة هذه الجماعة مع الدولة في مصر. وأظن أن “الإخوان” رأوا في موضوع “حماس” في غزة ومصر، مادة مناسبة لصرف الانتباه عن إشكاليات قائمة بين “الإخوان” أنفسهم في الأردن، ولملمة وضع الجماعة الأردنية بشفاعة ما ترمز إليه غزة من حال تدعو إلى التعاطف. لقد أدى الاتكاء على “حماس” إلى زجها في نزاع مع مصر، واستحدث ثرثرات إعلامية مناوئة للفلسطينيين جميعاً، وحكماً قضائياً، لم تكن الدولة فيه هي المدعية ولا هي التي أخذت مسألة “حماس” إلى ساحة القضاء. ذلك بدل إنهاء الخلاف مع مصر ومع السلطة الفلسطينية معاً، من خلال التأكيد التام على احترام الدولة المصرية وتفهم ضرورة الوحدة الفلسطينية.