الكذب من أجل الكذب .. الفن المعاصر!

.. ثم أتى على الناس زمان صار الكذب فيه عيانا بيانا دون وازع ولا رادع، والكذب عادة بشرية قديمة يمارسها بنو البشر دون غيرهم من

.. ثم أتى على الناس زمان صار الكذب فيه عيانا بيانا دون وازع ولا رادع، والكذب عادة بشرية قديمة يمارسها بنو البشر دون غيرهم من

الخميس - 05 مارس 2015

Thu - 05 Mar 2015



.. ثم أتى على الناس زمان صار الكذب فيه عيانا بيانا دون وازع ولا رادع، والكذب عادة بشرية قديمة يمارسها بنو البشر دون غيرهم من المخلوقات التي تشاركهم هذا الكوكب، لكنهم كانوا حتى وهم يمارسونه يجتهدون ويبذلون ما في وسعهم ليبدو كذبهم شيئا يشبه الصدق، وكانوا يتناصحون في أمثالهم فيقولون مثلا إذا كنت كذوبا فكن ذكورا أو لا بد من مزج الكذب ببعض الحقائق ليكون مقبولا وغير ذلك من أمثال وحكم بني البشر، التي يريدون من خلالها أن يتجنبوا الكذب الفج المباشر المكشوف.

لكن هذا التحفظ والتحوط في طريقه للانقراض، يكفي أن تتابع أحاديث كثير من الذين امتهنوا السياسة في هذا العصر، لتتحسر على أيام الكذب القديمة، فالواحد منهم يكذب وهو يعلم أنه يكذب، ويعلم أن من يسمعه يعلم أنه يكذب، ولكنه لا يجد في ذلك أي حرج، ويستمر في ترديد الأكاذيب المتتابعة دون أن يرمش له جفن، ولا يجد حرجا أن يقول في أول اليوم كذبة، ينقضها بكذبة أخرى قبل أن تغيب شمس آخره.

كان الكذابون يخترعون الكذبات حتى يصدقهم الآخرون، أما كذابو هذا العصر فإنهم يكذبون من أجل الكذب ذاته، شيء يشبه الفن من أجل الفن!

وعلى سبيل المثال لا الحصر ـ فالكذابون في هذا الزمن أكثر من أن يحصيهم بشر ـ حاول أن تتابع تصريحات الحوثيين في اليمن وشعاراتهم ومواقفهم، استمع لبشار الأسد وهو يتحدث عن الإرهاب، أصغ للمالكي وهو يتحدث عن الطائفية.. حاول أن تتابع بعض وسائل الإعلام ليوم واحد، وستجد أن من بني جنسك من يكذب بشكل يحرج البشر أمام بقية الكائنات!

      

[email protected]