المساعدات الإيرانية باب للتشييع الممنهج في الصومال

في كوخ صغير مصنوع من أغصان شجرة البوع الموسمية المغطاة بملابس بالية، وسط مئات الأكواخ المماثلة في مخيم للنازحين بحي هذن جنوب مقديشو، يردد أحمد ميو وأسرته قصائد مديح شيعية للإمام علي والحسين رضي الله عنهما باللغة العربية

في كوخ صغير مصنوع من أغصان شجرة البوع الموسمية المغطاة بملابس بالية، وسط مئات الأكواخ المماثلة في مخيم للنازحين بحي هذن جنوب مقديشو، يردد أحمد ميو وأسرته قصائد مديح شيعية للإمام علي والحسين رضي الله عنهما باللغة العربية

السبت - 06 ديسمبر 2014

Sat - 06 Dec 2014



في كوخ صغير مصنوع من أغصان شجرة البوع الموسمية المغطاة بملابس بالية، وسط مئات الأكواخ المماثلة في مخيم للنازحين بحي هذن جنوب مقديشو، يردد أحمد ميو وأسرته قصائد مديح شيعية للإمام علي والحسين رضي الله عنهما باللغة العربية.

وبينما يبذل ميو قصارى جهده لتحفيظ أبنائه التسعة وزوجاته الثلاث تلك القصائد، أملا بأن يحصل على مزيد من المساعدات التي تقدمها الهيئات الخيرية الإيرانية في الصومال، تظن الأسر المجاورة في المخيم أن ميو شيخ صوفي يحب المديح النبوي ويردده آناء الليل وأطراف النهار.

والسبب الذي دفع جيرانه إلى هذا الظن بسيط، وهو أنهم لا يجيدون اللغة العربية.

وبعدما اتصلت “مكة” بأحمد ووافق على إجراء مقابلة، اتصل شخص آخر بـ “مكة” وقال إنه من أولياء الأمور في الهيئة الإيرانية المعنية، ليعتذر عن عدم إعطائه أي تصريح حول معتقداته الجديدة، إلا أنه أكد أنه لم يعد سنيا وأصبح شيعيا ومنذ سنتين يتعلم المذهب الشيعي علي يد شيوخ صوماليين من أهل الشيعة.



المجاعة الكبرى



وكانت المجاعة الكبرى في الصومال منتصف 2011، فرصة سانحة للإيرانيين لبسط نفوذهم في هذا البلد العربي عبر سيطرتهم على منطقة الشرق الأفريقي والصومال بشكل محدد، ونشر المذهب الشيعي في بلد تقدر نسبة المسلمين فيه بـ 100% من أهل السنة، إلا أنه الآن يلاحظ للمرة الأول في التاريخ، تحول صوماليين من المذهب السني إلى الشيعي، وكل ذلك يتحقق تحت ستار “الإغاثة”.

ووصل المد الإيراني إلى الصومال في أكتوبر 2011، وذلك على هامش زيارة وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي إلى مقديشو، حيث افتتح سفارة لبلاده بعد 23 من الغياب الدبلوماسي بين البلدين، وتم تعيين سفير إيراني جديد.

وتوصف السفارة الإيرانية، وهي في حي متواضع جدا وسط مقديشو، بأنها من أنشط السفارات، إذ تقوم بتنسيق جميع الأنشطة الإيرانية بما فيها الإغاثة، وتنسيق المنح الدراسية، وتدريس المنهج الشيعي في المخيمات وبعض الأحياء في العاصمة، إضافة إلى دورها في العمل السياسي.

ويعتبر النظام الإداري والتنسيقي للسفارة الإيرانية في مقديشو أكثر من عمل دبلوماسي عادي تقوم به السفارات في الأعراف الدبلوماسية، وتنظم السفارة ثلاثة أنشطة استراتيجية تهدف في المستقل القريب إلى وجود نفوذ إيراني في الصومال عبر نشر المذهب الشيعي، والمنح الدراسية لتشكيل جيل جديد مقتنع بالثقافة الإيرانية.



1- لجنة الإمام الخميني للإغاثة



تركز لجنة الإمام الخميني للإغاثة على العمل في المشاريع المتعلقة بالمساعدات، إذ تنفذ مشاريع لتوزيع الأغذية والمياه للمتضررين من الجفاف في مخيمات النازحين في مقديشو وبعض المناطق وسط البلاد، والتي تحكم فيها الميليشيات الصوفية الموالية للحكومة الصومالية.

ويقوم العاملون بتوزيع الكتب والمنشورات للمذهب الشيعي، المترجمة إلى اللغة الصومالية، إلى جانب المساعدات، مما يسهل لهم القراءة في قصص ملفقة عن بعض صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم.

وأكد أحمد عبدالفتاح نور، زعيم مخيم خيبر في شمال مقديشو في مقابلة مع “مكة”، أن العاملين في هيئة الإمام الخميني ينظمون دورات بشكل منظم لمدرسي الخلاوي، يقدمون فيها دروسا خاصة تتعلق بالمذهب الشيعي، وتوزع فيها كتب باللغتين العربية والصومالية، ليقوموا بدورهم بتعليم الأطفال في المخيمات، وذلك مقابل دفع راتب شهري لكل معلم.

وقال نور إن عدد المدرسين في الخلاوي القرآنية المسجلة لدى اللجنة في 14 مخيما للنازحين في مقديشو يصل حاليا إلى 78 معلما، وهناك رغبة بين المعلمين للانضمام إلى القائمة، “مما يثير خشيتنا من تضليل الأطفال الذين ولدوا في المخيمات”.

وأضاف: لم نستطع مواجهتهم، لأننا نعتبر أن المشكلة ليست بهذه الأهمية ما دام الإيرانيون الشيعة هم من المسلمين، ولم تقم السلطات الحكومية بمنع نشاطاتهم رغم علمها بجميع ما يجري في المخيمات.

ويعتقد الأستاذ عبدالعزيز علي حسن مدير إذاعة النور للقرآن الكريم في مقديشو أن المد الشيعي في المنطقة يزداد بشكل ملحوظ ولا يقتصر على الصومال فقط، بل يمتد إلى جميع المناطق التي يسكنها المسلمون في شرق أفريقيا مثل منطقة الساحل الكيني ومناطق أوغادين وأرومو في إثيوبيا، إضافة إلى جمهورية جزر القمر.

ويستفيد الإيرانيون من فقر سكان البلدات النائية وعدم معرفتهم بالدين، حيث لا يفرقون بين العقائد والأفكار الدخيلة للشيعة.

وكانت اللجنة أشرفت على زواج جماعي لـ100 زيجة، زوجت فيه قاصرات لم تتجاوز أعمارهن الـ 12 عاما، حيث تم جمعهن من مخيمات النازحين في مقديشو، مما أثار غضب الشارع الصومالي منفي نشر هذه الظاهرة التي أخذت طابع ما يعرف بـ”المتعة” عن الإيرانيين والشيعة بشكل عام، لكن العاملين في الهيئة ما زالوا يواصلون جمع القاصرات وإقامة حفلات للزواج الجماعي، مستفيدين من غياب دور السلطات الصومالية المنشغلة بالسياسة والحرب ضد الحركات الإرهابية.

وعلمت “مكة” في زيارتها لبعض المخيمات التي شهدت زواجا جماعيا أن الأسر التي تكونت في هذه المشاريع للزواج الجماعي الإيراني لم تستقر، حيث لم نلتق أسرة واحدة رغم تجاوز مجموع عدد الزيجات ألفا وخمسمئة منذ 2012.



2- الهلال الأحمر الإيراني



أعلن الهلال الأحمر الإيراني عن إرسال أكبر شحنة مساعدات يصل وزنها خمسة آلاف طن إلى الصومال عن طريق البحر بعد ستة أشهر من إعلان المجاعة في الصومال.

واختار الهلال الأحمر الإيراني طريقة مبتكرة لتوزيع المساعدات، حيث اختار مناطق معينة كانت هدفا لحملته، حسب الشيخ العلامة موسى محمد عيسى الذي أوضح خطر ظاهرة التشيع على البلاد في محاضرة خاصة في مقديشو في سبتمبر الماضي.

وكانت وزارة الداخلية الصومالية طلبت من الهلال الأحمر الإيراني تنسيق عمله الإنساني مع الهيئة القومية لدرء الكوارث الصومالية لتحديد المناطق الأكثر تضررا من الجفاف، كما كانت تفعل المنظمات الإغاثية الإسلامية والعالمية الأخرى التي وصلت إلى الصومال، وهو الأمر الذي رفضه الهلال الأحمر الإيراني بسبب أجندات وأهداف خفية، أهمها نشر التشيع في المنطقة.

وكان وزير الداخلية الأسبق عبدالصمد معلم قد اتهم الإيرانيين بإخفاء أشياء كثيرة تتعلق بنشاطهم، وذلك أثناء المجاعة في 2012، حيث قدم شكوى لوزارة الخارجية الصومالية آنذاك حول عدم تجاوب المؤسسات الإغاثية الإيرانية مع الأوامر التي خرجت من الوزارة، واختيارها الانفصال عن المنظمات الإغاثية الأجنبية الأخرى.

وقال عبدالصمد لـ “مكة” إن النشاطات الإيرانية في الصومال أكبر من تشييع عدد من الصوماليين بكثير، وهي تهدف إلى السيطرة على المنطقة بشكل كامل، وبوضوح أكثر فإنهم يستهدفوننا كما استهدفوا اليمن وقبلها العراق وسوريا وحاولوا السيطرة على البحرين من خلال ما بات معروفا بالربيع العربي.

وأضاف: إذا لم تتدارك الأنظمة العربية الفعالة الوضع في الصومال فإن الأمن الخليجي والمنطقة العربية بشكل عام على المحك.



3- الملحق التعليمي للسفارة الإيرانية في مقديشو



تعرض السفارة الإيرانية في مقديشو عشرات المنح الدراسية الجامعية للطلبة الصوماليين الخريجين من المدارس الثانوية في أنحاء البلاد إلى الجامعات الإيرانية عبر وزارة التعليم العالي الصومالي بهدف إنتاج مثقفين وقياديين صوماليين من أهل الشيعة يتولون دور نشر المذهب الشيعي في الصومال وبسط نفود إيران في المنطقة.

ويقدر عدد الطلبة الصوماليين في الجامعات الإيرانية بـ 950 طالبا وصلوا إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية خلال السنتين الماضيتين، كما يوجد عدد من الطلاب التحقوا بالمدارس الدينية الإيرانية، وهم من أسر تشيعت في الغربة.

وتقوم السفارة الإيرانية في مقديشو بالتنسيق مع الصوماليين المغتربين الذين تشيعوا وتقدم لهم دورات في الفقه والعقيدة في إيران، ليقوموا بدورهم بنشر ما تعلموه في أوساط الجاليات الصومالية السنية في بعض البلدان الأوروبية، ومن بينها بريطانيا، كما يؤكد الشيعي الصومالي محمد علي في برنامج “وُلد من جديد” الذي تقدمه قناة “أهل البيت” الإيرانية.

وقال محمد أحمد إنه تأثر بمركز شيعي كان مجاورا لبيته في مدينة لندن عندما كان يسمع الصلوات والدعاء والقرآن، وذات يوم تمكن من زيارته، ورحب كل من في المركز بمجيئه وبعدها اقتنع بالمذهب الشيعي القريب من الطريقة الصوفية في الصومال التي كان يتبعها محمد حسب حديثه لقناة أهل البيت الإيرانية الناطقة بالإنجليزية.

ويقوم محمد الذي زار إيران أكثر من مرة بنشر المذهب الشيعي في أوساط الصوماليين المغتربين في بريطانيا كحملة لتشييع الصوماليين، حيث يستهدف أتباع الطرق الصوفية بشكل خاص أملا في إقناعهم.

وأكد محمد أنه تمكن من تشييع 28 شخصا بينهم سبعة من أسرته وحوالي 10 من أقاربه، وجميعهم في بريطانيا.



4- المخيم الطبي الإيراني



تم افتتاح المخيم الطبي الإيراني في مقديشو في ديسمبر 2012 أيام المجاعة الكبرى في الصومال.

ولم يتوقف العمل يوما واحدا منذ ذلك التاريخ، في حين رحلت جميع المنظمات الإغاثية وغير بعضها مشاريعها لإعمار الصومال، مثل الحملة الوطنية السعودية التي حولت أغلب مشاريعها في الصومال إلى مشاريع للبنية التحتية، والمشروع الإماراتي لإعمار الصومال الذي تشرف عليه السفارة الإماراتية في مقديشو.

ويزور المركز حوالي مئة مريض يوميا يحصلون على أدوية بسيطة ومعاينات من قبل أطباء إيرانيين، إضافة إلى كتب ومنشورات مترجمة باللغة الصومالية تتحدث عن الشيعة والفرق بين الشيعة والسنة، وفيها بعض القصائد باللغة العربية، حيث يستعطفون الصوماليين بالطرق الصوفية، مستفيدين من حبهم لآل النبي صلى الله عليه وسلم وعدم معرفتهم بتعاليم الدين الإسلامي القويم والعقيدة الصحيحة.

وقالت عائشة عبدالحميد التي زارت المركز الطبي الإيراني في مقديشو إن جميع العاملين في المركز بمن فيهم المترجمون الصوماليون والممرضات اقتنعوا بتغيير مذهبهم إلى المذهب الشيعي ليحافظوا على عملهم في المركز، ومن السهل جدا استقطاب المرضى عندما يرون صوماليين آخرين من أهل الشيعة، إضافة إلى نصائح دينية يقدمها الأطباء عند معاينة المرضى كسؤال سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه والإمام الحسين للشفاء.



 



 



قلة التمويل لمكافحة الظاهرة



رغم خطورة هذه الظاهرة على العقيدة ووحدة الوطن العربي في مواجهة الخطر الشيعي على المنطقة إلا أنه لا توجد جهود تذكر من الدول العربية المانحة لمحاربة الظاهرة التي تأخذ كل يوم طابعا جديدا وتقوم بابتكار أساليب جديدة لجذب أعداد هائلة من الصوماليين السنة. ودعا الشيخ محمد الشيبة إلى مواجهة الحملات الدعائية التي يقوم بها الإيرانيون بخطتين أساسيتين:

1 الضغط على الحكومة الصومالية لتطرد جميع الهيئات الإيرانية التي تختبئ تحت اسم الإغاثة من البلاد، وتحديد نشاطات السفارة الإيرانية في مقديشو، وعدم السماح لهم بتنفيذ أي مشروع خارج المنظومة الدبلوماسية والنشاطات الدبلوماسية المتعارف عليها، “وهذا ما بدأنا به نحن كهيئة للعلماء الصوماليين، لكن الحكومة في حاجة إلى ضغط أكثر، لأن السياسات الأخرى كمحاربة المتمردين وبناء الدولة لها أهمية أكبر من أي شيء آخر”.

2 الصومال في حاجة إلى حملات إعلامية يشارك فيها العلماء ضد الشيعة، وتعريف الشعب الصومالي الذي يجهل حقيقة من هم الشيعة، وماذا تريد إيران في بلدنا. ويعتبر التمويل أهم عقبة أمام العلماء في مواجهة الظاهرة، حيث قال: بدأنا بمحاضرات دينية في المساجد، واكتشفنا أننا لن نتمكن من الوصول إلى العدد الكافي، لأن قليلين هم الذين يأتون إلى المساجد في الصومال في الوقت الحالي بسبب انعدام الأمن في المدن الكبرى، ولجأنا إلى التلفزيون لكننا لم نتمكن من تسجيل أكثر من ست حلقات وبث اثنتين منها فقط لأسباب مالية