جنرال أمريكي يفند فشل الحرب في أفغانستان والعراق: تعددت الأسباب والخسارة واحدة

 

 

الاحد - 30 نوفمبر 2014

Sun - 30 Nov 2014



دانييل بولجر هو جنرال أمريكي بارز شارك في حربي أفغانستان والعراق، ومنذ البداية، يبدي بولجر استعداده لرسم الصورة بوضوح وصراحة ويتحمل مسؤوليته في ذلك.



يقول بولجر: أنا جنرال متقاعد في الجيش الأمريكي، وقد خسرت الحرب العالمية على الإرهاب.

لكن مسؤولية الخسارة لا يتحملها بالطبع الجنرال بولجر وحده، بل يشاركه فيها أقرانه في الجيش الأمريكي. 

ومن وجهة نظره، في كل من أفغانستان والعراق، فإن القيادة السيئة تسببت في فشل الجهود الأمريكية.

إن الحكم على الحرب العالمية في كل من أفغانستان والعراق بأنها خاسرة – والخسارة هنا تعني عدم تحقيق الحرب لأهدافها- هو صحيح بالتأكيد، لكن وضع كل اللوم على الجنرالات في الجيش الأمريكي يلغي مسؤولية كثيرين عن ذلك الفشل.

قبل تقاعده في 2013 كجنرال بثلاثة نجوم، خدم بولجر 35 سنة في الجيش الأمريكي، وتوجت خدمته بالمشاركة في كل من الحرب في أفغانستان والحرب في العراق، وأثناء خدمته العسكرية، حصل بولجر على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة شيكاغو.

خلال تدريسه لمادة التاريخ في كلية ويست بوينت العسكرية وبعد عودته إلى الخدمة الميدانية، نشر بولجر عدة كتب حول مواضيع عسكرية.

كتاب “لماذا خسرنا” يأتي مليئا بكثير من قصص الحرب، يروي بولجر عمليات عسكرية تمت في كل من العراق وأفغانستان، وهذه القصص تبين شجاعة وإرادة الجنود الأمريكيين من جميع المراتب العسكرية، ولكن تلك البراعة في ميدان المعركة، بحسب بولجر، كان يقابلها فشل في القيادة على أعلى المستويات.

مهمتا الجنرالات

كبار جنرالات الجيش الأمريكي ـ الذين وصلوا إلى رتبة ثلاثة أو أربعة نجوم- لهم مهمتان أساسيتان: فيما يتعلق بالسياسة والاستراتيجية، هم يقدمون الاستشارات، وفيما يتعلق بالحملات العسكرية والمعارك، هم يقررون وينفذون في ساحات القتال. 

لكن بولجر لا يتحدث كثيرا عن الجانب الأول، وبالكاد يذكر قادة الأركان المشتركة والمجلس العسكري الاستشاري الأعلى. العسكريون الذين يركز عليهم بولجر ويوليهم جل اهتمامه هم الجنرالات الذين كانوا يقودون الجنود على الأرض في كل من العراق وأفغانستان، وليسوا المستشارين العسكريين الذين كانوا يقدمون الاستشارات للبيت الأبيض في واشنطن.

يقول بولجر: إن جميع الجنرالات من مرتبة ثلاثة إلى أربعة نجوم الذين شاركوا في المعارك في أفغانستان والعراق كانوا يتمتعون بالنزاهة والقدرة والنوايا الطيبة، لكنه يستثني من ذلك جنرالا واحدا: دافيد بترايوس، فمن هو دافيد بترايوس؟

ولكن لماذا ارتكب كبار القادة العسكريين في الجيش الأمريكي كل تلك الأخطاء؟ يقدم بلوجر عدة إجابات محتملة لهذا السؤال، لكنه في النهاية يختار الإجابة التالية: تدريبات الجيش الأمريكي الميدانية تركز عادة على حملات عسكرية نظامية قصيرة وحاسمة، لذلك فإن التحديات التي شكلتها الحرب الطويلة وغير النظامية فاجأت كبار الضباط الأمريكيين تماما وأربكتهم، وحيث أن أعداد الجنود الأمريكيين على الأرض لم تكن كافية، طلب كبار الضباط المزيد من الوقت ومزيد من الأموال.

هذا كان معناه إرسال الجنود أنفسهم مرات ومرات، ربما مع معدات عسكرية أفضل من المرات السابقة، مع أمل عقيم بأن شيئا ما قد يتحسن بشكل أو بآخر في وقت ما، ولكن من هو العدو الذي يجب أن يكون هدفا للجندي الأمريكي؟ يقول بولجر: إن معرفة العدو الحقيقي هو الذي يحدد مسار الحرب في النهاية. يكرر بولجر السؤال: من هو العدو؟ مرات عدة، ويستنتج في النهاية، ربما نتيجة لإحساسه بالإحباط واليأس، أن العدو هو “الجميع”، ولكن إذا كان جميع العراقيين وجميع الأفغان أعداء، فإن الفشل الأمريكي يمتد إلى ما وراء القيادة العسكرية.

ربما كان السؤال الذي يطرحه بولجر خاطئا، بدلا من طرح سؤال: من هو العدو؟ ربما كان عليه أن يسأل: ما هو الهدف؟ ماذا تحاول الولايات المتحدة أن تفعله في منطقة الشرق الأوسط في نهاية المطاف؟ وإلى أي مدى تستطيع القوة العسكرية أن تسهم في خدمة المشروع الأمريكي في تلك المنطقة؟ بالطبع، الإجابة على ذلك السؤال ليست ضمن مسؤولية جنرالات الجيش الأمريكي، بل من مسؤولية المسؤولين السياسيين المنتخبين والشعب الأمريكي بشكل عام، لذلك فإن إلقاء اللوم على الجنرالات فقط ليس كافيا.




  • - الكتاب: لماذا خسرنا: رؤية جنرال من الداخل عن الحرب في العراق وأفغانستان Why We Lost: A General’s Inside Account of the Iraq and Afghanistan Wars


  • - الكاتب: دانييل بولجر Daniel Bolger


  • - الناشر: إيمون دولان، هوتون ميفلين هاركورت



من هو بولجر؟



                                                                                                                                                                                                                                                                         




  • - دانييل بولجر جنرال أمريكي متقاعد بثلاثة نجوم، وهو يعمل حاليا أستاذا في قسم التاريخ في جامعة ولاية نورث كارولينا حيث يحاضر في التاريخ العسكري.


  • - بولجر تقاعد من الجيش في 2013 بعد خدمة 35 عاما حصل خلالها على ميدالية النجمة البرونزية خمس مرات ووسام الخدمة الميدانية، كما تولى مناصب عسكرية قيادية عدة.


  • - له عدة مؤلفات أخرى من بينها «الأمريكيون في الحرب» و»أرض الموت».



 



 



أنانية بترايوس



 



                                                                                                                                                                                                                                                              



دافيد بترايوس جنرال أمريكي متقاعد حاليا، وكان مديرا لوكالة الاستخبارات المركزية CIA في الفترة ما بين 2011-2012.

قبل ذلك، كان بترايوس قد قضى 37 عاما في الجيش الأمريكي ووصل إلى رتبة جنرال بأربعة نجوم.

آخر المناصب التي تولاها في الجيش الأمريكي كانت قيادة قوات المساعدة الأمنية الدولية (ISAF)، وقيادة القوات الأمريكية في أفغانستان (USFOR-A) من 2010-2011، كما أنه رئيس للقيادة المركزية الأمريكية المشتركة (USCENTCOM) في الفترة 2008-2010، وقائد عام للقوات متعددة الجنسيات في العراق (MNF-I) في الفترة 2007-2008 والتي تولى خلالها قيادة جميع قوات التحالف الدولي في العراق.

بقول بولجر: إن الجنرال بترايوس كان أنانيا إلى أبعد حد وكل ما كان يهم بترايوس هو بترايوس.

ويشير بولجر في كثير من الأحيان إلى الجنرال بترايوس بلقب “الملك بترايوس”، ويقول: إنه كان بارعا في تسويق نفسه بالدرجة الأولى، كما أنه كان يسوق لحرب العراق في فترة من الفترات.

ومن أجل ذلك، استطاع بترايوس أن يجمع حوله كثيرا من الصحفيين والأكاديميين وأعضاء الكونجرس، الذين ساعدوه في تسويق نفسه وأفكاره “مثل الحمام الزاجل المطيع”.

الرسالة التي سوقها بترايوس عن نفسه، وساعده وأيدوه في نشرها، هي أنه هو الذي ابتكر ومن ثم طبق بنجاح صيغة جديدة لتغيير مسار الحرب في العراق، الصيغة الجديدة كانت مكافحة التمرد من خلال زيادة عدد القوات الأمريكية في العراق، تلك الصيغة، في رأي بولجر، كانت سيئة من حيث الفكرة والتطبيق.

عندما وصل بترايوس إلى بغداد في أوائل 2007 ليتولى تصحيح مسار الحرب في العراق، جلب معه كتيبا يشرح فكرة خطته في مكافحة التمرد (COIN).

في البداية، يقول بولجر: إن الجنرال بترايوس نجح في تسويق خطته بشكل بارع، خاصة بين الأكاديميين والمثقفين، أما بالنسبة للجنود والضباط العسكريين العاملين في الميدان، فإن الأمر كان مختلفا تماما، وبالرغم من الهرج والمرج الذي أثير حول تلك الخطة “العبقرية”، إلا أن شيئا لم يتغير على الأرض، حتى بدون عقيدة جديدة، كانت الوحدات على الأرض قد تعلمت من خبرتها وبتكلفة باهظة كيف تتعلم مع المتمردين المسلحين، حتى قبل أن يظهر بترايوس على الساحة، كانت تلك الدروس ترشح بالفعل من الأسفل إلى الأعلى.

لا تزال قضية ما استطاعت زيادة الجنود الأمريكيين في العراق أن تحققه وما لم تستطع أن تحققه تشكل محورا رئيسيا للنقاش حول كيفية تقييم نتائج الحرب في العراق.

في أحد المعسكرين، هناك من يقول إنها كانت ناجحة إلى حد كبير وأنها تشكل ملحمة عسكرية فذة، أما بولجر، فإنه يضع نفسه بكل وضوح في المعسكر المقابل.

في رأي الجنرال بولجر، لم تكن عملية زيادة القوات الأمريكية في العراق تتعدى كونها عملية إنقاذ تهدف للسماح للقوات الأمريكية الموجودة على الأرض بالانسحاب من العراق دون الاعتراف بالهزيمة بشكل صريح، وقد نفذت زيادة القوات المهمة التي هدفت إليها، الجنرال بولجر يعترف على مضض: على الأقل رحلنا ورؤوسنا مرفوعة.

بالطبع، حتى بينما كان الجيش الأمريكي يغادر الأراضي العراقية ـ بشكل موقت كما يتضح الآن- استمرت الحرب دون توقف.



شبه إفلاس بأفغانستان



في أفغانستان، تكشفت قصة مشابهة تم اكتشافها بعد سنوات من الإهمال بعد أن وصل الرئيس باراك أوباما إلى البيت الأبيض.

وصل أحد الذين يؤمنون بخطة بترايوس لمكافحة التمرد واعدا بإعادة تنشيط الحرب في أفغانستان.

رغم أن الرئيس باراك أوباما وعد بالمصادقة على خطة الجنرال ستانلي ماكريستال التي تقترح حملة إعمار الدولة، يقول بولجر: إن زيادة عدد القوات في 2010 في أفغانستان كانت أقل نجاحا حتى من الزيادة السابقة في العراق.

وينتقد بولجر التجربة الثانية في زيادة عدد القوات في أفغانستان قائلا: إنها عكست شبه إفلاس التخطيط العسكري في تلك المرحلة.

ويلقي بولجر اللوم بشكل مباشر على الرئيس باراك أوباما لأنه أعطى جنرالات الجيش ما يريدونه.

يقول بولجر ساخرا: الرئيس الأمريكي الرصين المتزن حكم على الجنود الأمريكيين عمدا وبعد تفكير بقضاء سنوات من القيام بدوريات قاتلة بلا جدوى في مكافحة التمرد والتي كان المؤكد أنها ستنتهي بانسحاب كامل.

خطة بترايوس في مكافحة التمرد (COIN) أثبتت فشلها بشكل كامل.