مشروع الأقاليم العراقية.. لا مبرر للخوف منه

العراق الذي يعاني من أسلوب قديم حول قضية تقاسم الثروة النفطية والحكم بها، أصبح الحديث عن أي مفاوضات بين مكوناته الاجتماعية يتطلب المرور بنقاش عقيم حول إدارة السلطة بها باللامركزية، بوصفه من أنجح أنماط توزيع السلطة وتسوية الخلافات في العالم المتحضر

العراق الذي يعاني من أسلوب قديم حول قضية تقاسم الثروة النفطية والحكم بها، أصبح الحديث عن أي مفاوضات بين مكوناته الاجتماعية يتطلب المرور بنقاش عقيم حول إدارة السلطة بها باللامركزية، بوصفه من أنجح أنماط توزيع السلطة وتسوية الخلافات في العالم المتحضر

الجمعة - 16 يناير 2015

Fri - 16 Jan 2015

العراق الذي يعاني من أسلوب قديم حول قضية تقاسم الثروة النفطية والحكم بها، أصبح الحديث عن أي مفاوضات بين مكوناته الاجتماعية يتطلب المرور بنقاش عقيم حول إدارة السلطة بها باللامركزية، بوصفه من أنجح أنماط توزيع السلطة وتسوية الخلافات في العالم المتحضر.
واليوم بتنا نلمس بوضوح كبير حجم الجدل السياسي المحتدم بين الشباب في العراق بشكل خاص ومنطقة الشرق الأوسط بشكل عام حول موضوع الإقليم وتوسيع صلاحيات الأقاليم والمحافظات، وأصبح الجدل يزداد يوما عن يوم وطبقة الشباب تحاول أن تؤثر على المسار السياسي والذي لا يمكن اختزاله بشهر أو شهرين، بل على مدى أكثر من ربع قرن.
واللامركزية تعتبر من المداخل الرئيسية لأي تحول ديمقراطي جديد يطرأ على بلد، وعلى ساسة البلاد أن يتقبلوا هذه الفكرة بارتياح كوننا نحن الآن في زمن الحداثة والتطور التكنولوجي ومن غير الممكن لأي حاكم أن يختزل كل الصلاحيات بيده في آن واحد، ولكن ما يجري اليوم في العراق تغيير ديمقراطي في الواجهة فقط، ولكن من ناحية المضمون لم تطبق كل هذه المضامين التي تفرضها مبادئ الديمقراطية على حكام وقادة الأحزاب العراقية الذين آمنوا بها من الناحية النظرية فقط! إذ نرى حينما تتجه محافظة لإعلان نفسها إقليما أو مطالبتها لحكومة المركز أن تزيد من صلاحيتها نرى أن حكومة المركز في بغداد ترفض طلبهم وتدخل الموضوع في قضية الطائفية والإرهاب والانفصال، وتصل بعض الأحيان إلى تخوين المطالبين بهذا الحق الدستوري.
ونرى هناك من يعلن تخوفه من سيناريو بعض المحافظات التي تطالب بأن يتحول الحكم فيها إلى اللامركزية، ولا نعلم لماذا كل هذا التخوف من المطالب الدستورية التي يطالب بها أبناء هذه المحافظات على غرار تجربة كردستان.
ولذا على حكومة بغداد أن تترك الناس في استيفاء حقهم الدستوري واستعدادهم لتحقيق نجاحات في مناطقهم، ولا يجوز أن تطلب بغداد من الناس أن يبقوا مكتوفي الأيدي ويشعروا بالاضطهاد نتيجة سيطرة عدد من الموظفين في بغداد على وضع خطط تنموية فاشلة لكل محافظات العراق.
ولذلك فنحن أمام مسار تطور سياسي، أما طلب الصبر على بلاء لا حد له، فمقولة جامدة وسط فشل متحرك، وطالما المركز عاجز فإن الأطراف ستتحرك، لأن الجوع والموت قاتلان.
وهناك من يقول بأن سبب الاعتراضات على قضية إعلان المحافظات أقاليم خاصة بهم يعود إلى مسألة الثروة النفطية وكيفية توزيعها، وهناك أيضا مخاوف من أن تعلن هذه المحافظات استقلالها عن العراق، ولكن أود القول بأن من يتحجج بهذه الأسباب فهو واهم لأني متيقن بأن أغلب أهالي المحافظات العراقية مستعدون لأن يعلنوا عن تنازلهم للثروات النفطية الموجودة في محافظاتهم لحكومة بغداد مقابل أن تمنحهم بغداد صلاحيات أوسع لحكوماتهم المحلية من أجل أن يقدموا الخدمات لأهالي محافظاتهم دون المرور بمسلك الروتين الإداري القاتل الذي تفرضه قوانين بغداد عليهم، والتي أصبحت تقف عائقا أمام أي حكومة محلية تحاول بذل قصارى جهدها لتقديم خدمات متميزة لأهاليهم.
وعلى الجميع أن يتذكر أننا نتحدث عن إعطاء صلاحيات إضافية للحكومات المحلية وهو أمر عادي حسب ما جاء بالدستور العراقي وهو حق يمتلكه أي إقليم هندي أو أرجنتيني أو أي بلد في العالم يتعامل مع تجربة الأقاليم.