أوكرانيا تثبت نهاية نموذج "ثورة اللون"

صادق البرلمان الأوكراني مؤخرا على قانون مماثل لقوانين روسية سابقة

صادق البرلمان الأوكراني مؤخرا على قانون مماثل لقوانين روسية سابقة

الجمعة - 31 يناير 2014

Fri - 31 Jan 2014



صادق البرلمان الأوكراني مؤخرا على قانون مماثل لقوانين روسية سابقة

القوانين تكبح المظاهرات، وهي تستخدم لغة واسعة بما فيه الكفاية بحيث تطبق على أي تجمع شعبي

كما تعتبر القوانين «التشهير» جريمة، وهذا يعني أن أي انتقاد للحكومة قد يعتبر «تشهيرا»

وتتطلب القوانين من أعضاء أي منظمة تستلم أي نوع من التمويل الأجنبي بالتسجيل كـ»عملاء أجانب»، أي بمعنى آخر: جواسيس

هذه القوانين تم تمريرها برفع الأيدي، دون أن يناقشها أعضاء البرلمان أو حتى يقرؤوها في بعض الأحيان

خلال أيام، أصبح مركز العاصمة الأوكرانية (كييف) ساحة حرب

رجال يحملون الهراوات استخدموا غيوما من الغازات المسيلة للدموع لتفريق المحتجين الذين كانوا يتظاهرون ضد الفساد وضد النفوذ الروسي منذ نوفمبر

شرطة مكافحة الشغب أطلقت النار على الناس برصاص مطاطي، بعد ذلك أطلقت الذخيرة الحية، آخرون تم جرهم بعيدا وضربهم، أي شخص يقف قرب المشهد يوم الثلاثاء الماضي وصلته رسالة جوال من شركة الهاتف «عزيزي المشترك، أنت مسجل كمشارك في اضطرابات جماعية»

حتى وقت كتابة هذا المقال، مات خمسة أشخاص

هذه الأحداث قاسية للغاية، وهي بعكس ما توقع كثيرون، ويجب أن تقودنا لنتخلى مباشرة عن بعض الأوهام التي كانت لدينا منذ زمن حول هذا الجزء من العالم

أولا وقبل كل شيء، آن الأوان لنتخلى عن أسطورة «ثورات اللون» الاعتقاد بأن متظاهرين سلميين، بمساعدة من تدريب قليل من الإعلام الغربي، سوف ينهضون في النهاية ويطيحون -بدون عنف- بالعصبة الحاكمة التي تحكمت بمعظم الدول التي كانت في مدار الاتحاد السوفييتي بعد سقوطه 1991

تاريخ أوكرانيا، منذ الثورة البرتقالية في 2004 وحتى الآن، أثبت زيف هذا الاعتقاد

في الواقع، المسؤولون الفاسدون، مدعومون بأموال وتكنولوجيا سياسية روسية، أقوى بكثير مما كان يعتقد أي شخص، لديهم الأموال لرشوة البرلمان، لديهم استعداد لإحياء الأسلوب السوفيتي القديم من العنف الانتقائي: جريمة أو جريمتا قتل كافيتان لإخافة آلاف المتظاهرين؛ اعتقال شخص أو شخصين كاف لتذكير رجال الأعمال بمن يمتلك مقاليد الأمور

كما تعلموا استغلال الإعلام لمضاعفة أموالهم في المؤسسات المالية الغربية، وحتى إرسال رسائل تهديد بالجوال، لقد ابتكروا رواية محبوكة وممولة بشكل جيد حول الانحدار الاقتصادي والانحلال الثقافي الغربي

التاريخ المعاصر لأوكرانيا يجب أن يجعلنا نتخلى عن أسطورة أخرى: الاعتقاد بأنه لا يزال هناك نظام سائد لمرحلة ما بعد الحرب الباردة في أوروبا والولايات المتحدة، صحيح أن القادة الأوروبيين تواصلوا مع قادة أوكرانيا على مدى سنوات في محاولة لتوسيع مجال العلاقة

وصحيح أن محاولاتهم باءت بالفشل، بعد حملة روسية منظمة من المقاطعات الاقتصادية الهادفة والتهديدات العسكرية المبطنة والرشاوى، لكن رد الولايات المتحدة كان غائبا

بعد انهيار المحادثات الأوروبية، أرسلت إدارة أوباما معاون وزير الخارجية لتشجيع المتظاهرين في كييف

والآن تقول الإدارة الأمريكية إنها قد لا تمنح تأشيرات دخول لبعض القادة الأوكرانيين

تلك السياسة تجعل بعض الأشخاص في واشنطن يشعرون بالرضا، لكنها ستجعل الأوكرانيين أيضا يهرعون إلى أحضان الروس مباشرة

سيحتاج الأمر لبعض الوقت لفهم هذه الحقائق الجديدة، ولكن عندما يلاحظ الأوكرانيون أن رمز ثورة اللون قد انتهى وأن الغرب لا يملك الأدوات لإحيائه، قد تكون هناك نتائج

إذا لم تنجح المظاهرات السلمية، في نهاية الأمر، قد يستنتج البعض منطقيا أنه حان الوقت للجوء إلى العنف

الأوكرانيون نظموا فعلا مقاومة عنيفة أكثر من مرة خلال القرن الماضي، يحتمل حتى أن الحكومة الأوكرانية تأمل أنهم سيفعلون ذلك مجددا، لأن ذلك قد يجعل كل المعارضات غير شرعية

هناك سيناريو أقل سوءا، لكنه يتطلب كمية من الصبر أكبر تقريبا مما يملكه أي شخص، وقدرا من التفكير أكبر مما يريد البعض أن يمارسه

ما تحتاج إليه أوكرانيا في الحقيقة حاليا هو تغيير ثقافي أعمق وأكثر بطئا، يقوده أوكرانيون يريدون أن يعيشوا في دولة أقل فسادا

هم بحاجة لإشادة مؤسسات بديلة قوية مثل الإعلام والنقابات العمالية أو المدارس، بالإضافة إلى المنظمات السياسية

هم بحاجة لإقناع رجال الأعمال لديهم بتغيير البيئة، عليهم أن يؤسسوا شركات ترفض أن تقوم بـ»العمل كالمعتاد»

في نفس الوقت، يجب أن يتوقف الأمريكيون والأوروبيون عن تسهيل الفساد الأوكراني أو الروسي

علينا أن نأخذ التهديدات الجدية على محمل الجد، المقاطعة التجارية يجب أن تواجه بمقاطعة تجارية

الدعاية غير النزيهة يجب الرد عليها، ولكن قبل أن نفعل أي شيء، علينا أن نكون صادقين حول حجم هذا الانتكاسة، الطبيعة الإقليمية لهذه المشكلة والضعف الكبير لسياستنا السابقة

الشعارات لم تعد كافية

جاء وقت العمل

* وول ستريت جورنال