دراسات وإحصاءات القطاع العقاري محل شك

تفتقد سوق العقار السعودية إلى الدراسات والإحصاءات الرسمية الدقيقة، التي من المفترض أن تساعد في تحديد آليات عمل القطاع وأولوياته ونوعية مشاريعه

تفتقد سوق العقار السعودية إلى الدراسات والإحصاءات الرسمية الدقيقة، التي من المفترض أن تساعد في تحديد آليات عمل القطاع وأولوياته ونوعية مشاريعه

الأربعاء - 25 فبراير 2015

Wed - 25 Feb 2015



تفتقد سوق العقار السعودية إلى الدراسات والإحصاءات الرسمية الدقيقة، التي من المفترض أن تساعد في تحديد آليات عمل القطاع وأولوياته ونوعية مشاريعه.

وفيما تكثر مطالب العقاريين بإيجاد مؤسسات وجهات رسمية تعمل على توفير الإحصاءات الرسمية الدقيقة في الشأن العقاري، أجمعوا على أن هناك حاجة قصوى إلى المزيد من المنتجات العقارية، وأن الطلب ما زال يفوق العرض، مشيرين في الوقت نفسه إلى أن هذه الدراسات والإحصاءات مطلوبة في السوق السعودية أكثر من غيرها، لتوجيه دفة الأعمال والمشاريع صوب اتجاه بعينه، موضحين أن وزارة الإسكان معنية بتوفير الإحصاءات الرسمية الخاصة بالقطاع، والإعلان عنها عبر وسائل الإعلام، حتى تعم فائدتها على جميع العاملين في القطاع العقاري السعودي، وقالوا إن انتعاش سوق العقار في إمارة دبي اعتمد على حزمة من الدراسات والإحصاءات الدقيقة، التي كشفت توجهات السوق، وساعدت المستثمرين على إنجاز مشاريعهم وفق آليات تتطلبها السوق في الإمارة.



وعلى مدى سنوات مضت، ظهر في قطاع العقار السعودي عدد وافر من الإحصاءات والدراسات الخاصة بالقطاع، التي تناولت حاجة السعودية إلى الوحدات السكنية خلال السنوات المقبلة، وتحدثت عن نسبة تملك المواطنين للمساكن، وحددت على وجه الدقة نسبة الشباب في المجتمع السعودي ومدى حاجته إلى سكن وفق أعماره السنية وظروفه الاقتصادية، وتطرقت إلى القدرة المالية لفئات المواطنين بحسب وظائفهم وأعمارهم، وظهرت إحصاءات عن سوق الأراضي البيضاء وأسباب غلاء الأسعار فيها، وبرامج التمويل العقاري وآلية عملها، ودور البنوك المحلية وقدرة الشركات العقارية على حل أزمة السكن، بيد أن غالبية هذه الإحصاءات والدراسات ـ بحسب عقاريين ـ كانت نتاج اجتهادات فردية لشركات عقارية وشخصيات عاملة في السوق، تداخلت مصالحها مع نتائج الإحصاءات التي أعلنوا عنها، ما قلل من أهميتها ودرجة الاعتماد عليها.



غياب مصادر الإحصاءات الرسمية



يؤكد مختصون أن أي سوق عقارية لا بد أن تعتمد على دراسات وإحصاءات رسمية، تحدد على وجه الدقة حاجة المواطنين لمنتجات عقارية بعينها، وعزوفهم عن منتج آخر.

وقال المستشار العقاري زهير حمزة إن سوق العقار السعودية في حاجة قصوى إلى عدد وافر من الدراسات والإحصاءات الرسمية الدقيقة والمعتمدة من جهات رسمية في الدولة، مؤكدا أن مؤسسات الدولة بما لديها من صلاحيات وإمكانات مالية، قادرة على توفير هذه الإحصاءات والدراسات عبر الشركات المتخصصة في هذا المجال، بخلاف الأفراد العاملين في القطاع العقاري، الذين قد لا يهتمون بهذا الأمر بما فيه الكفاية، ويرى البعض منهم أن الإنفاق على الدراسات والإحصاءات غير مجد، ويظنون في أنفسهم القدرة على الإلمام بمجريات السوق.

وأضاف: سوق العقار السعودية عانت كثيرا من ظهور إحصاءات غير دقيقة، انتشرت في وسائل الإعلام على لسان عقاريين ومحللين اقتصاديين، أراد كل منهم أن ينفرد بشيء يخصه على الآخرين، فأعلن عن إحصاءات عقارية ودراسات واستبيانات تشعر المستمع أو القارئ أنها تجسد واقع السوق، غير أنها لا تعتمد على أي ثوابت ميدانية، تشير إلى صحتها، والتزامها بمعايير البحث والتحليل الميداني.

وتابع: غالبية الدراسات والإحصاءات العقارية الموجودة في السوق السعودية، تعتمد على نفسها وتكرر أرقامها، ولكن بمعطيات ومدخلات مختلفة من باحث لآخر، حسب مهنية هذا الباحث وقدرته على إعادة صياغة هذه الأرقام، والاعتماد على التوقعات المستقبلية، والخروج بأرقام جديدة تلفت الأنظار أكثر.

وللأسف الشديد لا توجد لدينا جهات رسمية مهمتها إصدار الدراسات والتقارير العقارية، التي تنفرد بها بعض الشركات العاملة في القطاع، ولكن يلاحظ القارئ أن هناك تفاوتا بين دراسة وأخرى، ما يشير إلى عدم صحة كل المعلومات الواردة في تلك الدراسات، وأن بعضها ربما وضع لأهداف ومصالح شخصية تخص شركة ما.



مشاريع الإسكان تفتقد للدراسة



يرى المستشار العقاري فيصل الزهراني أن مشاريع وزارة الإسكان كان يفترض قبل البدء في تنفيذها، أن تعتمد على دراسات ميدانية عميقة، تحدد حاجة المواطنين لنوعية المنتجات العقارية.

وقال: الدراسات الاقتصادية والعقارية الدقيقة نادرة في المجتمع السعودي، واعتاد عدد من الباحثين أن يصدروا دراساتهم وإحصاءاتهم بلا حسيب أو رقيب، لكن لا يمكن التعويل عليها في تحديد آلية عمل مشاريع بمبالغ ضخمة.

وأضاف: وزارة الإسكان بدأت عملها في القطاع العقاري السعودي بميزانية قدرها 250 مليار ريال، وكان يفترض عليها أن تطلق مشاريعها وفق دراسات واستبيانات دقيقة، تؤكد للوزارة أنها تسير في الطريق الصحيح، وكان يفترض أيضا أن تعلن الوزارة عن نتائج كل دراسة تجريها على أرض الواقع، حتى يستفيد منها القطاع الخاص، لكونه شريكا للوزارة في حل مشكلة السكن.

وأوضح: المنتجات السكنية التي تعمل الوزارة على توفيرها للمواطنين، تتنوع بين وحدات سكنية جاهزة، ومنتج أرض وقرض، ويفترض أن توفر الوزارة كل منتج وفق دراسات تحدد درجة الإقبال على هذا المنتج دون الآخر، إلى جانب دراسات أخرى ترصد احتياجات المواطن وأمنياته في توفر مواصفات معينة في المنتج الذي يختاره، مثل الموقع بالنسبة للوحدات السكنية الجاهزة، أو نسبة رضا المواطن على القرض الذي يحصل عليه لبناء الأرض التي استلمها من الوزارة، وعلى ضوء هذه الدراسات يمكن تحديد خدمات الوزارة.

وقال: علينا أن نتعلم مما حدث في سوق العقار داخل إمارة دبي تحديدا، التي اعتمدت على عدد وافر من الدراسات والإحصاءات الدقيقة عن السوق ومتطلباتها واحتياجاتها من المشاريع، سواء السكنية أو التجارية أو الخدمية، وعلى ضوء هذه الدراسات، حدد المستثمرون من جميع أنحاء العالم دفة القيادة في مشاريعهم وهي مليارات الدولارات، الأمر الذي جعلها تنجح وتحقق الأهداف المرجوة منها.