شيطنة العرب!

الاستشراق هو انكباب الدارسين الغربيين المحترفين أو الهواة على دراسة الشرق عموما، ومن ضمنه العالم العربي.

الاستشراق هو انكباب الدارسين الغربيين المحترفين أو الهواة على دراسة الشرق عموما، ومن ضمنه العالم العربي.

الاثنين - 03 نوفمبر 2014

Mon - 03 Nov 2014



الاستشراق هو انكباب الدارسين الغربيين المحترفين أو الهواة على دراسة الشرق عموما، ومن ضمنه العالم العربي.



وقد ظل دور التيار الأساسي في الاستشراق الغربي، منذ 500 عام، إثبات أن العرب يستحقون كل ما يقع عليهم من ظلم وإفقار واضطهاد..

أي إن العرب يستحقون أن يكونوا ضحايا للغرب نفسه، يحل له استعمار أوطانهم، والتنكيل بهم، ونهب ثرواتهم، والإساءة لثقافتهم، دون أن يشعر بوخزة واحدة في ضميره..

فلا داعي إطلاقا لتأنيب الضمير، إذا كانت دراسات المستشرقين للتاريخ العربي، تقطع – في معظمها - وبأدلة (علمية) لا يرقى إليها الشك، بأن العرب أمة من البدو الجُفاة الغلاظ، الذين يكرهون الحضارة كراهية عميقة، ويحتقرون ثمارها العظمى أيما احتقار، فلا قيمة عندهم للموسيقى والفلسفة والأدب الرفيع، وهم يشعرون بحقد يأكل صدورهم، على الحضارات الكبرى المتقدمة من حولهم، وفور أن تجمعوا حول دين جديد، إبان القرن السابع الميلادي، وصارت لهم جيوش جرارة، لها قيادة موحدة، حتى ترجموا حقدهم هذا إلى أفعال، بأن عصفوا بالحضارة الفارسية الراقية شرقهم، وبالحضارة البيزنطية / الرومية المتفوقة غربهم.. وشرعوا في تكوين إمبراطورية عملاقة، استعمروها بحد السيف، وحكموا أهلها بالحديد والنار، وأرغموهم على اعتناق الإسلام إرغاما تحت تهديد الذبح أو السبي..

ألا تستحق أمة هذا هو موجز تاريخها المُخزي، أن يحتلها الأوروبيون في زمن الإمبريالية، وأن ينهبوا ثرواتها، وأن يستعبدوا شعوبها.. بالقطع تستحق!

كان الاستشراق إذن – في معظم تجلياته - هو حبة الدواء المنوم للضمير التي يبتلعها الغرب بسعادة كلما أراد أن يعصف بالعرب!

وهو ذات الدور الذي ما زالت تؤديه حتى الآن باحترافية عالية، وسائل الإعلام الغربية، التي تنقل بإلحاح للرأي العام العالمي نظرتها للكتلة العربية الراهنة، كقطيع منحط، يستحق بحكم تكوينه العقلي والاجتماعي والسياسي والثقافي المتدني، كل ما ينزل به من مصائب وويلات..

وهكذا، وبتواطؤ شبه جماعي، يتعرض عموم العرب المعاصرين لحملة غربية منظمة تهدف لشيطنتهم، والتأكيد على أن خللا عميقا يسكن في منظومة قيمهم، يجعلهم المصدر الرئيس لتهديد الحضارة الإنسانية، بما يفرزونه بكثافة من ظواهر إرهابية تنذر بالموت والدمار..

وهذا التصاعد الراهن المحموم في تيار الاستشراق الغربي الساعي لشيطنة العرب، والذي صار يلبس الآن لبوس ثورة الاتصالات، فنراه ممثلا في متحدثين تلفزيونيين، وفي تقارير مصورة، وأفلام تسجيلية، وتغريدات مصوغة بعناية، وصور تجتاح الفيس بوك، ومقتطفات مصورة تعبئ اليوتيوب.. إنما يمهد – في رأيي - لحدث جلل، يسلب خلاله الغربُ من العربِ ما تبقى لهم من وجود وكيان وكرامة ومقدرات..

وقد لا يكون ذلك على شاكلة الغزوات الاستعمارية القديمة، التي جعلت أراضينا نهبا للإنجليز والفرنسيين والإيطاليين.. عقودا إثر عقود، بل ربما يكون أشد مكرا، وأعظم خطرا، فيسمح للإرهابيين بالمرور عبر بوابات المخابرات الغربية المغروسة في أراضينا، لتحطيم كيانات الدول العربية واحدة إثر الأخرى، وإسقاط حكوماتها، على نمط ما يجري في العراق وليبيا واليمن.. مما يصل بالفوضى (الخلاقة) الشاملة إلى تلك الدول العربية التي حافظت على تماسكها بشق الأنفس حتى الآن..

لم يكن العرب هم الذين استعبدوا ملايين الأفارقة، وامتصوا دماءهم في مزارع بريطانيا وأمريكا، ولم يكن العرب هم الذين قتلوا 100 مليون إنسان في حربين عالميتين خلال قرن واحد، ولم يكن العرب هم الذين أسقطوا قنبلتين نوويتين على مدينتين يابانيتين، ولم يكونوا هم الذين أحرقوا اليهود في أفران الغاز.

لم يكن العرب هم الذين احتلوا دول العالم الثالث ونهبوا خيراتها وأذلوا سكانها، ولم يكن العرب هم الذين صنعوا القاعدة في أفغانستان لتحارب السوفييت، ولا هم من صنعوا داعش في سوريا لتحارب الأسد.

اقترف الغربُ كلَ تلك الجرائم، وغيرَها الكثير، في حق الإنسانية، لكن العرب – بحسب معظم المستشرقين وبحسب السي إن إن وأخواتها - هم من ينبغي لهم أن يدفعوا الثمن!