النفط وداعش والخلاف الصامت بين الرياض وواشنطن

مرت العلاقات السعودية الأمريكية منذ العام 2011 بعدة مراحل، جمهورية مصر العربية هي العنوان الأساسي في الخلاف الصامت بين الرياض وواشنطن، حيث بدأت ملامح الخلاف السعودي الأمريكي منذ تخلت الولايات المتحدة الأمريكية عن حليفها في مصر الرئيس الأسبق حسني مبارك إبان أزمة 25 يناير، حيث عارضت الرياض الطلب الأمريكي القاضي بتنحي مبارك عن السلطة ووعدت بتعويض مصر المعونة الأمريكية

مرت العلاقات السعودية الأمريكية منذ العام 2011 بعدة مراحل، جمهورية مصر العربية هي العنوان الأساسي في الخلاف الصامت بين الرياض وواشنطن، حيث بدأت ملامح الخلاف السعودي الأمريكي منذ تخلت الولايات المتحدة الأمريكية عن حليفها في مصر الرئيس الأسبق حسني مبارك إبان أزمة 25 يناير، حيث عارضت الرياض الطلب الأمريكي القاضي بتنحي مبارك عن السلطة ووعدت بتعويض مصر المعونة الأمريكية

الجمعة - 02 يناير 2015

Fri - 02 Jan 2015

مرت العلاقات السعودية الأمريكية منذ العام 2011 بعدة مراحل، جمهورية مصر العربية هي العنوان الأساسي في الخلاف الصامت بين الرياض وواشنطن، حيث بدأت ملامح الخلاف السعودي الأمريكي منذ تخلت الولايات المتحدة الأمريكية عن حليفها في مصر الرئيس الأسبق حسني مبارك إبان أزمة 25 يناير، حيث عارضت الرياض الطلب الأمريكي القاضي بتنحي مبارك عن السلطة ووعدت بتعويض مصر المعونة الأمريكية.
لم تكن أزمة 25 يناير وحدها هي نقطة الخلاف الرئيسية بين الرياض وواشنطن بل كانت ثورة الثلاثين التي أطاحت بالرئيس محمد مرسي والنظام الإخواني هي نقطة الخلاف الرئيسية، حيث وقفت الرياض سياسيا واقتصاديا موقف المؤيد والمطالب باحترام خيارات الشعب المصري وحقه في تقرير مصيره بينما عارضت الإدارة الأمريكية ثورة الثلاثين بذريعة تدخل الجيش المصري وسير العملية الديمقراطية، وبالرغم من تشدد الموقف الأمريكي إلا أن المحور السعودي الخليجي العربي كان أقوى ما جعل الإدارة الأمريكية تتراجع بعض الشيء عن دعمها وتأييدها لجماعة الإخوان المسلمين وترضخ لخيارات الشعب المصري.
المحادثات السرية بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والولايات المتحدة الأمريكية في سلطنة عمان كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، ذلك التحالف السعودي الأمريكي الذي دام 80 عاما خاصة وأن هذه المحادثات تمت بدون علم الرياض، ما جعل السعودية على قناعة بأن التحركات الأمريكية لم تأخذ في الحسبان أمن واستقرار المنطقة الخليجية والمطامع الإيرانية في منطقة الخليجية وتدخلاتها السافرة في شؤون المنطقة الخليجية وبخاصة في الشأن البحريني.
ما بعد المحادثات السرية التي تمت في العاصمة العمانية مسقط بين واشنطن وطهران واقتناع السعودية بأن تحركات واشنطن تعبث بالأمن والاستقرار الخليجي فضلت الرياض التحرك على الحديث، حيث سعت الرياض إلى إدارة الظهر نحو شرق آسيا وسعت لتعزيز العلاقات مع باكستان والتحول في علاقاتها مع جمهورية الصين الشعبية المنافس الوحيد للولايات المتحدة الأمريكية من التعاون إلى الشراكة الاستراتيجية.
بالرغم من المراحل والتطورات التي مرت بها العلاقات السعودية الأمريكية التي بدأت في 2011 ومرورا بثورة الثلاثين في مصر والمحادثات السرية بين واشنطن وطهران، لم يحدث هناك احتكاك أو تصادم بين البلدين فقد عادت الرياض وواشنطن إلى طاولة التعاون لمكافحة الإرهاب المتمثل بتنظيم داعش والقضاء عليه حيث احتضنت مدينة جدة السعودية الاجتماع الدولي الذي أفضى إلى تشكيل التحالف الدولي لمواجهة تنظيم داعش الإرهابي في الأراضي العراقية والسورية، حيث شاركت الرياض عسكريا ولم تكتف بالدعم المادي واللوجستي.
في الأشهر الأخيرة مع انخفاض أسعار النفط ورفض الدول الخليجية على رأسها المملكة العربية السعودية خفض الإنتاج بالرغم من قلة الطلب حتى يتسنى استقرار سوق النفط وعودة ارتفاع الأسعار، بدأ الحديث عن استخدام الرياض لسلاح النفط في محاولة لمواجهة النفط الصخري الأمريكي وتأخيره حيث سبق وأن صرح الرئيس الأمريكي باراك أوباما في ديسمبر 2012 بأن أمريكا ستتخطى المملكة العربية السعودية لتصبح أكبر منتج للنفط في العالم في 2017 بفضل النفط الصخري، ما يعني أن أهمية المنطقة الخليجية سوف تتراجع بالنسبة لأمريكا، وهذا يعني أنها ستتخلى عن مهامها في حفظ الأمن والاستقرار في المنطقة الخليجية وبخاصة مع بروز تنظيم داعش الإرهابي.
تصريحات الرئيس الأمريكي باراك أوباما قبل أيام والتي تضمنت تأكيده بأن بلاده لن تخصص مبلغ تريليون دولار أخرى لإرسال قوات أمريكية لمحاربة تنظيم «داعش» في العراق فأمريكا بحاجة إلى إنفاق تريليون دولار على إعادة بناء مدارسها وطرقها وعلى العلوم الأساسية والأبحاث.
تصريحات أوباما يمكن قراءتها بجانب أنها إقرار من قبل أوباما بفشل الاستراتيجية الأمريكية في القضاء على تنظيم داعش الإرهابي بأنها رسالة موجهة إلى السعودية التي استخدمت سلاح النفط أمام النفط الصخري الأمريكي، حيث يقول مدير مركز دراسة أسواق الطاقة فياتيتشسلاف كولاغين: إن واشنطن تتهم المملكة العربية السعودية والاتحاد الروسي بالتآمر عليها في أسواق النفط، وبأن واشنطن قد تلجأ للانسحاب من التحالف الدولي وتترك دول المنطقة لوحدها في مواجهة تنظيم داعش الإرهابي.
الأزمة الحاصلة في أسواق النفط وانخفاض أسعار النفط، والتململ الأمريكي وربما الانسحاب في الأسابيع المقبلة من الحرب على تنظيم داعش الإرهابي، سوف تكون بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، حيث ستتحول الخلافات الصامتة إلى خلافات معلنة.