كيف نقضي على الفساد؟

الفساد ظاهرة اجتماعية ترتبط بمحاولة الفرد (الفاعل العقلاني في المجتمع) الاستئثار بـ أو الاستفادة من «الصالح العام» - بطرق سرية وغير متاحة للجميع - وتحويله إلى مصلحة خاصة

الفساد ظاهرة اجتماعية ترتبط بمحاولة الفرد (الفاعل العقلاني في المجتمع) الاستئثار بـ أو الاستفادة من «الصالح العام» - بطرق سرية وغير متاحة للجميع - وتحويله إلى مصلحة خاصة

الخميس - 18 ديسمبر 2014

Thu - 18 Dec 2014

الفساد ظاهرة اجتماعية ترتبط بمحاولة الفرد (الفاعل العقلاني في المجتمع) الاستئثار بـ أو الاستفادة من «الصالح العام» - بطرق سرية وغير متاحة للجميع - وتحويله إلى مصلحة خاصة.
يمكن بالتأكيد أن نلاحظ أن هذا الفهم للفساد مستوحى من الفكر الغربي الذي مال تراثه غالبا إلى دراسة ووصف الفساد باستعارة قاموس الباثولوجي (علم الأمراض)، فليس من المستغرب أن تجد تسمية الفساد بـ»مرض سياسي في الديموقراطية».
هذا بالنسبة للغرب والتراث الغربي وسياقات تطور الفكر الأخلاقي - السياسي في الغرب لكن ماذا عن مجتمعنا؟ ما هي أسباب الفساد في مجتمعنا وما هو التصور الأخلاقي تجاهه؟ لاحظ - عزيزي القارئ - أننا في مجتمع يتحدث فيه الجميع عن الفساد.
الفساد في مجتمعنا يتصف بثلاث خصائص: 1- هو أمر «معتاد» لدرجة أن الجميع يتحدث عنه، والصحف تنشر أخباره ورسوم الكاريكاتير التي تسخر من جهلنا بماهيته والناس كل واحد منهم لديه قصة يحكيها.
2- لديه دائما مبرر أخلاقي، هذا المبرر هو «طبيعيته».
حينما تكون في روما افعل ما يفعله الرومان.
3- وهو – رغم ذلك - مثل الزئبق، يستطيع الجميع رؤيته لكن لا أحد يستطيع أن يمسك به.
هذه الخاصية الأخيرة هي ما قد يفسر نمط رسوم الكاريكاتير الشائعة حول الفساد في صحفنا، وفي المنتج الثقافي بشكل عام.
سؤال كيف نقضي على الفساد، هو إذن، سؤال تابع لسؤالين: أولا ما هي طبيعة الفساد في مجتمعنا؟ وثانيا ما الذي يفتقر إليه مجتمعنا من الناحية الإدارية والتشريعية والذي يجعل خصائص ظاهرة الفساد المذكورة أعلاه متحققة؟يفترض أن يعرّف القانون - في أي مجتمع محترم - جميع الأنشطة التي تؤدي للانحراف بالوظيفة العامة لخدمة المصلحة الخاصة بدل المصلحة العامة، ويفترض - ودائما طبقا للأنموذج الأخلاقي والقانوني الغربي - أن يقدم شاغل الوظيفة العامة إقرار ذمة مالية وإقرار عدم إمكان تضارب المصالح.
هذه الأخيرة تعني ألا يكون المشرّع هو نفسه التاجر الذي له مصالح في السوق.
كما يفترض أن يعيش المجتمع (ويكون هذا جزءا من الشعور العام لدى الأفراد) في ظل «سيادة القانون».
ويفترض أيضا أن يكون القضاء مستقلا.
وآخر الافتراضات (لملء كل جوانب الأنموذج) هو أن تكون الوظيفة العامة متداولة وتخضع لتقاليد المؤسسة وللتعريف الأخلاقي والقانوني المتفق عليه لمعنى «المصلحة العامة».
يمكن للفساد أن يدمر المجتمع، كما يمكن للجميع تخيل هذا التأثير أو رؤيته على أرض الواقع.