الديبلوماسية الشعبية... الأمن السعودي نموذجاً

سارت الركبان ومواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية وفي موسم الحج، بالدور الذي لعبه رجال الأمن السعودي وهم يقابلون أصنافاً شتى من البشر ويتعاملون معهم في أريحية تامة. وقد عكست اللقطات التي أخذها الحجاج وقاموا بنشرها صورة مشرقة لرجال الأمن، وهي على عكس ما نراه لرجال الأمن في الدول العربية الأخرى التي تنحصر أدوارهم وتعاملهم في ترهيب المواطنين ومطاردتهم والوقوف ضدهم في كل صغيرة وكبيرة.

سارت الركبان ومواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية وفي موسم الحج، بالدور الذي لعبه رجال الأمن السعودي وهم يقابلون أصنافاً شتى من البشر ويتعاملون معهم في أريحية تامة. وقد عكست اللقطات التي أخذها الحجاج وقاموا بنشرها صورة مشرقة لرجال الأمن، وهي على عكس ما نراه لرجال الأمن في الدول العربية الأخرى التي تنحصر أدوارهم وتعاملهم في ترهيب المواطنين ومطاردتهم والوقوف ضدهم في كل صغيرة وكبيرة.

الثلاثاء - 14 أكتوبر 2014

Tue - 14 Oct 2014



سارت الركبان ومواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية وفي موسم الحج، بالدور الذي لعبه رجال الأمن السعودي وهم يقابلون أصنافاً شتى من البشر ويتعاملون معهم في أريحية تامة. وقد عكست اللقطات التي أخذها الحجاج وقاموا بنشرها صورة مشرقة لرجال الأمن، وهي على عكس ما نراه لرجال الأمن في الدول العربية الأخرى التي تنحصر أدوارهم وتعاملهم في ترهيب المواطنين ومطاردتهم والوقوف ضدهم في كل صغيرة وكبيرة. والقصص التي يندي لها الجبين في أغلب البلدان العربية، من حملات الاعتقالات إلى حصص التعذيب وبيوت الأشباح وقد تصل بعض العمليات إلى الاغتيالات التي ينفذونها بدمٍ بارد. وحيث إنّ سمات أغلب رجال الأمن في الوطن العربي والشيء المتعارف عليه بشكل عام هو الفظاظة لدرجة القسوة، فإنّ سمات رجال الأمن السعودي وطبيعتهم السمحة المتبسطة تبدو غريبةً في إقليمنا العربي الذي تعوّد على أن يرى هؤلاء الرجال ليس سوى جلّادين.

تداول الناس على نطاق واسع صور رجال الأمن في لقطات غير متكلفة، فصورة لأحد رجال الأمن وهو يحمل رضيعاً نائماً في انتظار أهله ليؤدوا إحدى الشعائر، وأخرى لرجل أمن يسقي طفلة صغيرة بيده. وأكثر من صورة لرجال أمن مختلفين يحملون عجائز، وفي أخرى يدلونهم على الطريق، وغيرها يمسكون بأياديهم ليتم عبورهم إلى حيث يريدون، وأخرى لبعضهم يحملون أمتعة حجاج كبار السن.

قد لا نضيف جديداً إذا قلنا إنّ ما تمّ يدخل في باب الديبلوماسية الشعبية التي تقوم على بناء منظومة تواصل فاعلة لمخاطبة الشعوب الأخرى بوسائل عديدة. وفي هذه الجزئية فقد قام رجال الأمن بدورين، الأول استتباب الأمن وحماية الأماكن المقدسة والحجاج، والدور الآخر هو عكس الصورة عن أهل هذه البلد للرأي العام العالمي، خاصة وأنّ هناك مسلمين يأتون لأداء فريضة الحج دون معرفة كافية بالبلد وأهله.

وإذا كانت الديبلوماسية الشعبية تهتم بالروابط الثقافية والاقتصادية والإعلامية والتبادل الأكاديمي ونحوها، فإنّه يدخل في تمتين الروابط الثقافية أصول التعامل مع الغريب القادم، ثمّ يجيء دور الإعلام بتسليط الضوء على العلاقات بين الشعوب. ورغم أنّ المصطلح صكته أمريكا واخترعته حتى تُحقّق به ما عجزت السياسة عن تحقيقه، فإنّ حصيلته تصبّ في المعين الثقافي والاجتماعي بشكل أكبر.

وهنا نرى كيف أنّ رجال الأمن يحققونه بطريقة هرم ماسلو وهو ذاك الهرم الذي يتكون من الحاجات الإنسانية الأساسية والتي رتبها العالم ماسلو، واشترط تراتبيتها وعدم تلبية أي حاجة قبل تلبية سابقتها. ويعتمد تحقيق الحاجة إلى الأمن على مقدار الإشباع المتحقق من الحاجات الفسيولوجية وهي مهمة بقدر تحقيق الأمن والطمأنينة. وهناك إدراك يُظهر أنّ شعور الفرد بعدم تحقيقه لهذه الحاجة سيؤدي إلى انشغاله فكرياً ونفسياً مما يؤثر على أدائه.

تجاوز الفعل في هذه الحالة أمر العلاقات وتبادل الثقافات بمد يد العون لكل مسلم في الحج من مختلف الجنسيات، إلى تواصل إنساني يتم بغير اللغة وهو الفعل. والتواصل بوصفه قيمة كونية يحتاجها الإنسان فهو يظهر في شكل هذه العلاقات الإنسانية التي تربط بين هؤلاء الرجال الذين يمزجون أدوارهم في الحماية والأمن وفي خلق روابط إنسانية. وقد ثبت علمياً وعملياً أنّ تأثير التواصل بمدّ يد العون والمساعدة هو أقوى أنواع التواصل لأنّه يترك أثراً طيباً وعميقاً في النفس يتجاوز أثر التواصل العادي، ولما فيه من إيثار واضح.

هذا هو التواصل في أسمى تجلياته، رجال أمن رسميون، وحين ترى أفعالهم لا تردها إليهم فقط، وإنّما لأنّهم جزء من الشعب السعودي الكريم وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله الذي أقام العدل في هذه الأرجاء المباركة. وهي منذ دعوة سيدنا إبراهيم عليه السلام “وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ” (126: سورة البقرة)، فكان الديدن هو تحقيق وإشاعة الأمن والأمان.