الرقابة خير من العلاج

الثلاثاء - 09 يناير 2018

Tue - 09 Jan 2018

إن نعمة التكنولوجيا التي أنعم الله علينا بها أظهرت هشاشة الأنظمة الرقابية بدون أي استثناء لعمل أغلب الجهات بمختلف المجالات. لا يكاد يمر يوم إلا وينتشر «مقطع» أو صورة لتجاوز موظف أو عامل أو حتى مواطن. وجزء كبير من تلك التجاوزات حصلت، ولكنها لم تجد من يصورها أو من يبثها لوسائل الإعلام.

أغلب ردود الفعل تكون مجرد «ردود فعل» وليست أفعالا استباقية. السؤال الجوهري لماذا لا تتحرك أغلب الجهات حتى ينتشر على الملأ مقطع أو صورة توضح تجاوزات أحدهم؟

الجواب واضح وجلي كجلاء البدر في ليلة صافية وهو غياب الدور الرقابي. والدور الرقابي مهمته ليست فقط في معاقبة المقصر! لا بل محاربة التقصير قبل وقوعه، وهنا يكمن الدور الجوهري لتلك الجهات. إن ترك المواطنين والمقيمين يقومون بهذا الدور نيابة عنهم، وإثارة الهاشتاقات أو الظهور على شاشات التلفزيون ومن ثم نرى تجاوب المسؤولين الذين كانوا آخر من يتفاعل مع تلك القضايا لهو أمر مؤسف. ناهيك عن ظهور بعض المشاهد التي تسيء للبلد، كل ذلك يثبت أن هناك فجوات كبيرة بين الجهات المنظمة والجهات المنفذة في مسألة الرقابة.

ضعف الجانب الرقابي يشجع على التجاوزات، سواء كانت هذه التجاوزات صادرة من موظف حكومي أو موظف قطاع خاص أو ملاك الشركات والمحلات. وزارة العمل مثلا أنثت محلات الملابس النسائية، وسعودت محالات الهواتف، ولكننا نرى تجاوز ذلك القرار بكل استخفاف، لدرجة أن بعض الأجانب عاد ليمارس عمله بشكل طبيعي جدا ودون الخوف من أحد. وزارة الصحة أيضا تركت دورها الرقابي بشكل شنيع والمستشفيات الحكومية خير شاهد، ترى في بعضها كافة أنواع التجاوزات والاستهتار بالمرضى لدرجة أن جزءا من العاملين في هذا القطاع اتجه إلى ممارسة عمل عرض الأزياء والاهتمام بقصة الشعر والسوالف أكثر من اهتمامه بعمله في المجال الصحي أو خدمة المرضى. ولو عدنا لكل وزارة لوجدنا أمثلة يندى لها الجبين.

أخيرا فإن فهم دور الرقابة وإعادة تفعيلها يأتي أولا قبل محاولة علاج المشكلات والتجاوزات بعد وقوعها. كما أنه يخفف من ظهور المتحدثين الرسميين لتلك الجهات الذين صرنا نعرفهم جيدا لكثرة ظهورهم إما لاعتذار، أو لتبرير، فضلا عن أنه يضمن حصول المواطن على أفضل الخدمات التي يستحقها.